" ُتساقطْ "على جواب الطلب؛ وذلك أنَّ الله أمرها بهزّ الجذع اليابس لترى آية أخرى في إحياء موات الجذع (٩٦) ، فالتساقط مترتّب على هزّ الجذع؛ أي: إنْ تهزّي ُتساقطْ، وليس المقصود وصف النخلة بأنها نخلة تساقط رطباً - ولا يتأتى ذلك فيها؛لأن الفعل مسبوق بمعرفة - وليس المقصود بيان حال النخلة عند هزِّها، ولا استئناف الكلام والإخبار بأنَّ النخلة تُساقطُ رطباً، لذلك فالقراءة المتواترة بالجزم، وعليها القراء السبعة، ولم تردْ قراءة بالرفع - فيما أعلم.
وهو شبيه بقولك: افتحِ الصنبور ينهمرْ ماؤه، واضغطِ الزرَّ يُضأ المصباحُ، وأدرِ المِفتاحَ يُفتحِ البابَ. ومثله في القرآن كثير (٩٧)
وممَّا ذُكر فيه الجزم على الجواب قوله تعالى: ? قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَءَامَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنفِقُوا مَمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً مَن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ ? (٩٨) ذكرها سيبويه (٩٩) ضمن ما ينجزم على الجواب، وكذا جاء عن الأخفش والمازني وغيرهما (١٠٠) ، وقالوا الفعل " يُقيموا " مجزوم على جواب (قلْ) ، والمعنى: قلْ لهم أقيموا يُقيموا، أي: إنْ تقلْ لهم يُقيموا.
وكذا جاء عن المبّرد (١٠١) ، إلاّ أنّه يجعل الفعل مجزوماً على جواب "أقيموا" المحذوفة المقدرة.
فالفعل المضارع في الأقوال السابقة مبنيّ على الطلب، مترتّب عليه، ومشروط به، ومسبّب عنه.
ورُدّ قول الأخفش والمازنيّ ومن وافقهما:
بأنَّ (قلْ) لابدَّ له من جملة تُحكى به؛ لأنَّ أمرَ اللهِ لنبيّه بالقول ليس فيه بيانٌ لهم بأنْ يُقيموا الصلاة، حتّى يقول لهم الرسول - صلى الله عليه وسلم- " أقيموا الصلاة "(١٠٢) .
وبأنَّ تقدير: قلْ لهم أقيموا يُقيموا ليس بصحيح؛ لأنَّه يلزم فيه ألاَّ يتخلف أحد من المقول لهم عن الطاعة، والواقع بخلاف ذلك (١٠٣) .