للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالنفاذ إلى عمق المعنيين، وبإنعام النظر فيهما نجد أنَّ معنى الأمر في الآية الكريمة أقوى من معنى الجزاء، وليس في الأمر بإقامة الصلاة دليل على الاستجابة أو عدمها؛ فالنتيجة المترتبة على الأمر بالصلاة هي معنى آخر، ليس في لفظ الآية ما يدل عليه، والمقصود - والله أعلم - هو حثّ المؤمنين على إقامة الصلاة والإنفاق، وليس في اللفظ ما يدلّ على الامتثال أو عدم الامتثال، ولا على النتيجة المترتبة على أمرهم بإقامة الصلاة والإنفاق؛ إذ ليس المقصود الإخبار بأنه إنْ أمرهم امتثلوا وأقاموا الصلاة وأنفقوا!!

وشبيهٌ به قولُنا:" قلْ للطلاب يكتبوا الواجب"، المقصود وبكل بساطة هو أمرهم بالكتابة، والتقدير: قلْ للطلاب اكتبوا الواجبَ،أو أنْ يكتبوا الواجبَ، ويبعد تقدير: قلْ للطلاب اكتبوا يكتبوا؛ لأنَّه ليس في اللفظ دليل على إرادة الإخبار بنتيجة الأمر، ولا يلزم من مجرد القول الامتثال والكتابة، وليس في اللفظ دليل على الامتثال؛ لأنهم قد يمتثلون وقد لا يمتثلون. وشبيه به:" قلْ لزيدٍ يُسامح المعتذر"، وغيره مما نلمس في معنى الجزاء فيه بعد وتكلّف، وتزيّد في المعنى، وكثرة الحذف والتقدير؛ فالتكلّف يكمن في افتراض معنى الشرط والجزاء لتسويغ الجزم في الفعل " يُقيموا ".

والتزيّد في المعنى؛ لأنَّ اللفظ ليس فيه ما يدلّ على النتيجة المترتبة على أمرهم بالصلاة.

وكثرة الحذف والتقدير - ولنا مندوحة عنهما -؛ لأنَّ الفعل " يُقيموا " إذا جُعل جواباً للشرط فسيخلو القولُ من مقولٍ، ولابدَّ من تقديره، بالإضافة إلى تقدير الشرط الجازم للجواب.

وليس كذلك في المعنى الآخر الذي هو معنى الأمر؛ فبتقدير " أقيموا " مكان " يُقيموا " لن يكون فيه حذف، وسيكون المقدَّر في مكانه الأصلي، ومن لفظ المذكور.

<<  <  ج: ص:  >  >>