وبتقدير لام الأمر أو " أنْ " قبل الفعل سيكون التقدير أقل من تقدير جملة بأكملها كما هو في معنى الشرط والجزاء. وقد نصَّ السيوطي (١١١) على أنَّ:
القياس أنْ يُقدَّر الشيء في مكانه الأصلي.
وينبغي تقليل المقدَّر.
وأنْ يُقدَّر المقدَّر من لفظ المذكور مهما أمكن.
والذي دعاهم إلى تكلُّف الحذف والتقدير، والذهاب بعيداً عن المعنى هو محاولة تسويغ الجزم في الفعل " يُقيموا "، وفرارهم من تقدير لام الأمر أو "أنْ" قبل الفعل تمسّكاً بالقاعدة النحويّة: " الفعل عاملة لا يُضمر "، وهم مع قولهم بالجزاء لتسويغ الجزم يُقرُّون بأنَّ معناه الأمر، يقول الفرَّاء:" جُزمت يقيموا بتأويل الجزاء، ومعناه - والله أعلم - معنى أمر؛ كقولك: قلْ لعبد الله يذهب عنَّا، تُريد: اذهب عنَّا، فجزم بنية الجواب للجزم، وتأويله الأمر..."(١١٢) ، فهذا نصٌّ صريحٌ منه بأنَّ معناه الأمر رغم أنَّ إحلال فعل الأمر محلّ المضارع لتسويغ الجزم أيسر من الشرط والجزاء، وهو ما قال به جماعة النحويين من المفسرين كالكسائيّ، والزجاج، والفارسيّ.
قال أبو حيان:" ومتعلق القول الملفوظ به أو المقدَّر في هذه التخاريج هو الأمر بالإقامة والإنفاق "(١١٣) .
ويقوِّي هذا المعنى ما ذكره القرطبيّ من أنَّ المعنى:" قلْ لِمَنْ آمن وحقَّقَ عبوديته أنْ يُقيموا الصلاة "(١١٤) .
وكذا الأخفش الذي ترأس المذهب الأول يعود في (معاني القرآن) ويقول في قوله تعالى: ? فَذَرُوهَا تَأْكُلْ ... ? (١١٥) ، و? قُل لِّلَّذِينَءَامَنُوا يَغْفِرُوا.. ? (١١٦) ونحوه:"فصار جواباً في اللفظ، وليس كذلك في المعنى"(١١٧) .