للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويستطرد السهيلي إلى ذكر بعض الآيات القرآنية التي جاء فيها وصف الجمع بالمفرد في موضع، واستعمال صيغة الجمع في موضع آخر، مبينا السر في هذا الأسلوب، فيقول: "وأما قوله تعالى: (يخرجكم طفلا ((غافر: ٦٧) بلفظ الإفراد، وقال في موضع آخر: (وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم ((النور:٥٩) فالأحسن في حكم البلاغة أن يعبر عن الأطفال الرضع بالطفل في الواحد والجميع، لأنهم مع حدثان الولادة كالجنس الذي يقع على القليل والكثير بلفظ واحد (١) ، ألا ترى أن بدء الخلق من طين، ثم مني، والمني جنس لا يتميز بعضه من بعض، فلذلك لا يجمع، وكذلك الطين، ثم يكون الخلق علقا، وهو الدم، فيكون ذلك جنسا، ثم يخرجهم الله طفلا، أي جنسا تاليا للعلق، والمني لا يكاد يتميز بعضهم من بعض إلا عند آبائهم، فإذا كبروا وخالطوا الناس، وعرف الناس صورهم وبعضهم من بعض، فصاروا كالرجال والفتيان قيل فيهم حينئذ: أطفال، كما يقال: رجال وفتيان، ولا يعترض على هذا الأصل بالأجنة، أنهم مغيبون في البطون، فلم يكونوا كالجنس الظاهر للعيون، كالماء والطين والعلق، وإنما جمع جنين على أجنة، وحسن ذلك فيه، لأنه تبع للبطن الذي هو فيه". (٢)


(١) ي تفسير الكشاف للزمخشري، (٣/١٧٧) : (طفلا: والمعنى كل واحد منكم، أو اقتصر على الواحد لأن الغرض بيان الجنس) .
(٢) لروض الأنف، (٤/٣٤-٣٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>