للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا ينسى السهيلي في تحليله للآيات القرآنية، بأن يستشهد بكلام العرب الأقحاح، الذين هم معدن البلاغة، وموئل الفصاحة، لكي يؤكد صحة ما ذهب إليه من تحليل لوصف الجمع بالمفرد في إحدى الآيات القرآنية، وعزوف البلاغة القرآنية عن ذلك في موضع آخر، فيقول: "ويقوى هذا الغرض الذي صمدنا إليه في الطفل قول رجل من بني مجاعة لعمر بن عبد العزيز، وقد سأله: هل بقي من كهول بني مجاعة أحد؟ قال نعم، وشكير كثير (١) ، فانظر كيف قال: الكهول وجمع، وقال في الصغار: شكير كما تقول حشيش، ونبات، فتفرد لأنه جنس واحد، والطفل في معنى الشكير ماداموا رضعا، حتى يتميزوا بالأسماء والصور عند الناس، فهذا حكم البلاغة، ومساق الفصاحة فافهمه" (٢) .

خامسا: التناوب بين الأدوات

أشار السهيلي إلى أن أساليب التعبير العربية تقتضي التناوب بالأدوات أحيانا، شريطة وجود قرينة تدل على ذلك، فقال في تفسير سورة الكافرون: "فإن قيل: كيف قال (ولا أنتم عابدون ما أعبد ((الكافرون: ٣، ٥) ولم يقل من أعبد؟، وقد قال أهل العربية إن ما تقع على ما لا يعقل، فكيف عبر بها عن الباري تعالى؟ فالجواب أنا قد ذكرنا فيما قبل أن ما قد تقع على من يعقل بقرينة، فهذا أوان ذكرها، وتلك القرينة الإبهام والمبالغة في التعظيم والتفخيم، وهي في معنى الإبهام لأن من جلت عظمته، حتى خرجت عن الحصر، وعجزت الأفهام عن كنه ذاته، وجب أن يقال فيه ما هو كقول العرب: سبحان ما سبح الرعد بحمده" (٣) .

سادسا: وضع المضارع مكان الماضي


(١) لشكير: صغار الإبل. انظر: القاموس المحيط، مادة شكر.
(٢) لروض الأنف، (٤/٣٤) .
(٣) لروض الأنف، (٢/١١٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>