للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد عرض السهيلي لأضرب من الإيجاز، مبتدئا بحذف الحروف التي يورث حذفها سهولة في نطق الكلمة أو الجملة، وبين جواز حذف بعض الحروف، مثل لام الجر واللام الأخرى مع ألف الوصل في كلمة (لله) ، فقال عند ذكر قول رجل من حمير: (١)

* لاه من رأى مثل حسان قتيلا في سالف الأحقاب *: "وقوله: لاه من رأى مثل حسان: أراد لله، وحذف لام الجر واللام الأخرى مع ألف الوصل، وهذا حذف كثير، ولكنه جاز في هذا الاسم خاصة لكثرة دوره على الألسنة، مثل قول الفراء: (لهنك من برق علي كريم) أراد والله إنك. وقال بعضهم: أراد لأنك، وأبدل الهمزة هاء، وهذا بعيد، لأن اللام لا تجمع مع إن، إلا أن تؤخر اللام إلى الخبر، لأنهما حرفان مؤكدان، وليس انقلاب الهمزة هاء بمزيل العلة المانعة من اجتماعهما" (٢) .

وعرض السهيلي إلى حذف لام القسم، فقال عند قول أبي الصلت بن ربيعة الثقفي، وتروى أيضا لأمية ابن أبي الصلت: (٣)

حتى أتى ببني الأحرار يحملهم ... إنك عمري قد أسرعت قلقالا

قال السهيلي: (٤) "وقوله عمري: أراد لعمري، وقد قال الطائي:

عمري لقد نصح الزمان وإنه ... ... لمن العجائب ناصح لا يشفق "

وبين السهيلي الحذف في كلمة أيش، وأصل هذه الكلمة، فقال: "تقول فلان أيش هو وابن أيش، ومعناه أي شيء؟! أي: شيء عظيم، فكأنه أراد من آل قحطان، ومن المهاجرين الذين يقال فيهم مثل هذا، كما تقول: هم وما هم؟ وزيد وما زيد؟ وأي شيء زيد، وأيش في معنى أي شيء، كما يقال ويْلُُمِّه، في معنى ويل أمه على الحذف لكثرة الاستعمال" (٥) .

وأشار السهيلي إلى حذف المنادى مع بقاء حرف النداء، وذلك عند قول زيد بن عمرو: (٦)

فقلت له يااذهب وهارون فادعوا ... إلى الله فرعون الذي كان طاغيا


(١) لسيرة النبوية لابن هشام، (١/٤٣) .
(٢) لروض الأنف، (١/٤٣) .
(٣) لسيرة النبوية لابن هشام، (١/٨٥) .
(٤) لروض الأنف، (١/٨٥) .
(٥) لمصدر السابق، (١/٢٤١) .
(٦) لسيرة النبوية لابن هشام، (١/٢٥٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>