للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: "ألا يا اذهب على حذف المنادى، كأنه قال: ألا يا هذا اذهب، كما قرئ: (ألا يا اسجدوا ((النمل: ٢٥) ، يريد: يا قوم اسجدوا (١) . وكما قال غيلان: (٢)

* ألا يا اسلمي يا دار ميٍٍّ على البلى *" (٣) .

وبين فائدة حذف المفعول به لما فيه من الإبهام، وذلك في قوله تعالى: (فاصدع بما تؤمر ((الحجر: ٩٤) ، فقال: "والمعنى: اصدع بالذي تؤمر به، ولكنه لما عدي الفعل إلى الهاء حسن حذفها، وكان الحذف ههنا أحسن من ذكرها، لأن ما فيها من الإبهام أكثر مما تقتضيه الذي، وقولهم: (ما) مع الفعل بتأويل المصدر، راجع إلى معنى الذي إذا تأملته، وذلك أن (الذي) تصلح في كل موضع تصلح فيه (ما) ، التي يسمونها المصدرية، نحو قول الشاعر: (٤)

عسى الأيام أن يرجع ... ن (يوما) كالذي كانوا

أي كما كانوا، فقول الله إذا: (فاصدع بما تؤمر) إما أن يكون معناه: بالذي تؤمر به من التبليغ ونحوه، وإما أن يكون معناه: اصدع بالأمر الذي تؤمره، كما تقول: عجبت من الضرب الذي تضربه، فتكون ما ههنا عبارة عن الأمر الذي هو أمر الله تعالى، ولا يكون للباء فيه دخول، ولا تقدير، وعلى الوجه الأول: تكون ما مع صلتها عبارة عما هو فعل للنبي صلى الله عليه وسلم، والأظهر أنها مع صلتها عبارة عن الأمر الذي هو قول الله ووحيه، بدليل حذف الهاء الراجعة إلى: ما، وإن كانت بمعنى الذي في الوجهين جميعا، إلا أنك إذا أردت معنى الأمر، لم تحذف إلا الهاء وحدها، وإذا أردت معنى المأمور به، حذفت باء وهاء، فحذف واحد أيسر من حذفين، مع أن صدعه وبيانه إذا علقته بأمر الله ووحيه كان حقيقة، وإذا علقته بالفعل الذي أمر به كان مجازا، وإذا صرحت بلفظ الذي لم يكن حذفها بذلك الحسن" (٥)


(١) نظر: تفسير الكشاف للزمخشري، (٣/٣٦١-٣٦٢) .
(٢) نظر: شرح ابن عقيل، (١/٢٦٦) .
(٣) لروض الأنف، (١/٢٦٠) .
(٤) لبيت ل: الفند الزماني، انظر:: شرح ابن عقيل (١/٦١٤) . وفيه (قوما) .
(٥) لروض الأنف، (٢/٥-٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>