للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحمدان عبقرية إدارية تخطّت مفاهيم “ الإدارة الجامدة، إلى الإدارة بالأهداف ”، فكان وجوده دفعاً لعجلة التنمية، وتحقيقاً عملياً للمواطنة الحقة. لم يكن الحمدان مشغولاً بذاته، وإنما كان مهموماً بإنجازاته، وكانت إنجازاته دائماً مرتبطة بالخيريّة والنفع العام، وهذا هو الإيمان بقيمة التكليف وأهميته في صنع الشهود الحضاري للأمة، وهذا ما أدركه الحمدان وآمن به، وحقق به ما حقق من تميز ومكانة اجتماعية.

وبهذا يكشف حمزة شحاتة عن أنَّ البناء الحضاري أساسه الإنسان، فما حدث للجزيرة لم يكن ليتحقق لولا توفيق الله، ثم حنكة القائد “صقر الجزيرة ”، الذي لمَّ الشتات، وأقام كيان الوحدة، وأسس لحركة التنمية، وقاد معركة البناء بالعقول المبدعة.

وأما المرأة الأولى التي كان يرى فيها حمزة “ الأمل الممكن ” فهي ابنته شيرين التي تتجلى في رسائل والدها إليها، مثابرة، ذكية، مليئة بالطموح ومع كل هذا يظل يتعهدها برعايته ونصحه وتوجيهه، لتكون مثالاً للإنسان الصالح، المتطلع لغدٍ أفضل لا يعبأ بالعوائق، ولا يلين أمام الملمات (١) .

وأما الأخرى، فهي نفيسة الفتاة المصرية الجميلة التي كتب فيها قصيدة نشرت في الديوان باسم نفيسة، ونشرت مفردة بعنوان “ غادة بولاق ” وقد أضفى عليها أسمى صفات الجمال، فكانت نفيسة نموذجاً “ للجمال الأعلى ” في المرأة كما يتصوره حمزة شحاتة، وقد امتلأت القصيدة بالتساؤلات التي بعثتها فتنة الجمال، فوقف الشاعر يتملى هذا الكيان الأسطوري وقفة المتسائل الذاهل:

يا منحة النيل ما أحلى روائعه

هل أنت من سحره أم قد تبنّاك

وهل ترعرعتِ طفلاً في معابده

أم كاهن في ربى سيناء ربّاك

أم كنت لؤلؤة في يمه سُحرت

فصاغك اليم مخلوقاً وأنشاك

أم أنت حورية ضاقت بموطنها

فهاجرته صنيع المضنك الشاكي

فضمّك الليل في رفقٍ فهمت به


(١) إلى ابنتي شيرين، حمزة شحاتة، جدة، تهامة، ط١، ١٤٠٠ هـ / ١٩٨٠ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>