للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الهم والغمّ سببه القصور الفكري والوجداني، أو “ صغر الكبار ” الذي يؤول بالسفينة إلى “ الغرق ” ((عندما يصغر الكبار فليس للأسرة أن تنتظر سوى الغرق)) (١) و ((صورة الكبير تصغر كلما قلّ نفعه للآخرين)) (٢) .

لقد احتفظ حمزة بحب أسرته ووضع ((ذاته وإمكانياته تحت تصرف الجميع لا يستثني أحداً إلا نفسه)) (٣) ، ومع هذا فلم يستطع أن يحقق رغباتها فكانت النهاية و ((عندما يعجز رب الأسرة عن تحقيق رغباتها يكون موته أفضل)) (٤) .

لقد أنهار البناء ولم يبق إلا ضريبة “ المغامرة الخاسرة ” “ البنات الخمس ” اللاتي حاول حمزة أن يكون لهن الأب المثال، وظل يصارع المتاعب حتى سقط إعياءً، ولم آيبق سوى الأماني بتحقيق النصيب من العلم والمعرفة (٥) .

هذه أحلام المفكر، أن يعدّ الأبناء للحياة، لا أن يُعِد الحياة للأبناء لقد كانت إشكالية حمزة الكبرى هي نبوغه، وإشراق عقله في محيط لا يشاركه وجدانياً هذا التدفق ((والعقول التي تتوازن كفاءاتها في غير أجوائها هي خير العقول وأقواها وأتمها نضوجاً)) (٦) .

ولأنه كان يرى العالم حوله بمنظار أسود لما لقيه في أكنافه من ويلات، كان همّ تربية بناته عذاباً أبدياً ((لا تصدق أن هناك شيئاً أسوأ من أن تكون أباً لبضع بنات إلا إذا كنت لا تسمع ولا ترى ولا تشعر أو إذا كنت سوائياً تستوي عندك الأشياء مهما تناقضت وتباينت)) (٧) .


(١) نفسه ص ٧٨.
(٢) نفسه ص ٧٩.
(٣) نفسه ص ٧٩.
(٤) نفسه ص ٧٨.
(٥) نفسه ص ٢٣.
(٦) حمار حمزة شحاتة ص ٥٣.
(٧) رفات عقل ص ٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>