للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد عانى من المرأة كثيراً، وابتلي بخمس فتيات أراد أن يصنع منهن “ المرأة النموذج ” التي يتمناها، وهنا تأتي مشكلة التربية وانعدام التفاهم بين عقليتين مختلفتين أبناء يريدون الانطلاق، وآباء يخشون من انطلاقهم عليه وينتصر المنطلقون دائماً؛ لأن الحركة أقوى من السكون، وهذه أكثر صور الشقاء شيوعاً كما يعبر حمزة شحاتة (١) .

وبناءً على هذا يحذرنا المفكر الكبير: افهم أبناءك كما يريدون هم، لا كما تريد أنت، ((فبهذا يمكن أن تتذوق حلاوة حبهم واحترامهم، وإلا فليخطفك الشيطان ليلقي بك في أقرب مزبلة)) (٢) .

هكذا كانت حياة حمزة مع أسرته، كان الزواج يمثل قيداً لا يطاق فنفذ الصبر، وفارق زوجته الأولى، وبحث عن شَرَكٍ آخر فوقع فيه، فنفذ صبره مرة ثانية وثالثة ((الطلاق دليل نفاذ الصبر، أما الزواج مرة أخرى، فبرهان على عمى البصيرة)) (٣) .

لقد سئل العقاد عن سبب عدم إقدامه على الزواجه، فقال: خيّرت بين أن أكون زوجاً أو أكون رجلاً فاخترت أن أكون رجلاً، وحمزة شحاتة اختار أن يكون مفكرّاً حرّاً طليقاً لا يحدّه مدى ((الحب والمال والزواج أقدم أسباب التعاسة في العالم)) (٤) . اقترن بالمرأة فلم يعش سعيداً، وإنما عاش فيلسوفاً.

كان يرى حمزة شحاتة في الزواج قدراً محتوماً لا مجال للاختيار فيه ((ليس الزواج عملية اختيار إنه قدر)) (٥) ، وهذا القدر المحتوم الذي يُقحم الرجل في هذا العالم هو الذي يجعل منه فراشة طائشة تدور حول النار حتى تحترق (٦) ، يُعمي القدر بصيرته فيجّره إلى سوء العاقبة جاهلاً بمصيره الذي ينتظره ((أرحم تفسير لمن يتزوج أنه يجهل الخطر)) (٧) و ((أشجع كثيراً ممن يقتل نفسه الرجل الذي يتزوج)) (٨) .


(١) المرجع نفسه ص ٩٧.
(٢) نفسه ص ٩٨.
(٣) نفسه ص ٩٩.
(٤) نفسه ص ٥٨.
(٥) نفسه ص ٧٣.
(٦) نفسه ص ٧٣.
(٧) نفسه ص ٦٣.
(٨) نفسه ص ٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>