ولقد كان منهج إبراهيم (نموذجا في الدعوة إلى الله وموضع اهتمام القرآن، ذلك لما اشتملت عليه شخصيته الكريمة من الصفات الحميدة والخصال الكريمة أولا، ثم ما قامت عليه دعوته على أهم أهداف الدعوة وضوابطها بأساليب نظرية وعملية، وطرق مجدية نافعة، رسم بها الطريق للدعوة والدعاة، وأمر الله تعالى الأمة بالاقتداء به (سواء كان ذلك في صفاته (الشخصية أو في أساليبه النظرية أو أساليبه العملية، ليتخذوا طريقته نبراسا لهم يسيرون على منوالها، ودروسا يجعلون الدعوة بها مرغوبة محببة.
ولقد نوه القرآن الكريم بمواقفه النبيلة الثابتة، وشهد له بعزيمته القوية الصادقة لا سيما مع أبيه في سبيل دعوته إلى توحيد الله تعالى، إلى أن أُلقِي في النار فأكرمه الله برتبة (الخُلّة) ورفع من شأنه أن ضمه في صف أولي العزم من الرسل، صلوات الله وسلامه عليه وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، ومن هنا كان لهذا الموضوع أهمية بالغة وضرورة ملحة.
أهمية الدعوة وضرورتها:
قال الله (: (إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا، ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما ((الأحزاب ٧٢، ٧٣) .
إن الدعوة إلى الله تعالى تعني تحمل الأمانة التي كلف الإنسان بحملها والعمل بمقتضاها ثم دعوة الناس لها، ولذا كانت من وظائف الأنبياء والمرسلين ومنهاج الصالحين المتقين من عباد الله لأنهم صفوة خلق الله، وهي من أهم ركائز الإيمان وأعظم ركن من أركانه، وأمرها وفضلها وخطرها بمكان معلوم، إذ هي بمنزلة الرأس من الجسد والغذاء للبدن والري للعطشان، بها نشر الملة السمحاء التي تمتاز في منهجها ببيان الحق ونشر الخير والهدى وتحقق السعادة للبشر، وتكشف وسائل الباطل والمنكر وأساليبه الملتوية بشتى الطرق والوسائل.