ولقد اعتنى القرآن الكريم بهذا الركن اعتناء عظيما واهتم به اهتماما بالغا،.فذكره في عدة مواضع منه، تارة بذكر آدابه وأساليبه التي يجب اتباعها ضمانا لنجاحها، كما قال تعالى:(ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إنّ ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ((النحل ١٢٥) .
وتارة بذكر قصص الأنبياء مع أممهم المخالفة لأمر الله وما حل بها، كقصة موسى (مع فرعون، قال تعالى: (هل أتاك حديث موسى إذ ناداه ربّه بالوادى المقدس طوى اذهب إلى فرعون إنه طغى ((النازاعات ١٥- ١٩) . وقال تعالى:(فقولا له قولا لينا لعله يتذكرُ أو يخشى.. ((طه ٤٤) .
وأخرى بالحث والترغيب في الدعوة إلى الله، كما قال تعالى:(قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني ... ((يوسف١٠٨) . (١) وقال تعالى: (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا ... ((فصلت ٣٣) .
لذا فليعلم الدعاة أن في أعناقهم أمانة عظيمة حملهم الله إياها، وهم مسئولون عنها أمامه ولا يُعذرون حتى ولو كانوا في أحرج ظروف وأضيقها، لا سيما في زمن الماديات الذي ترك الناس فيه الدعوة إلى الله وزهدوا عنها بحب الدنيا وإيثارها عليها، فليؤدوها على وجهها، انقاذا للأمة من الضلال في الدنيا ومن النار في الآخرة وإقامة للحجة عليها:(رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ((النساء ١٦٥) . في يوم لا يقبل فيه عذر ولا تنفع فيه شفاعة قال تعالى:(فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم ولا هم يُستعتبون ((الروم ٥٧) .
موضوع البحث:
(١) أحكام القرآن للقرطبي ج٦/٢١١، روح المعاني للألوسي ج٢/١٥٣.