للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن هذه الحسنات الموهوبة: شكر الخليل (نعم ربّه ابتداءً وختاما ظاهرا وباطنا سرا وعلنا، خالصا مخلصا موصولا عدلا خضوعا واستكانة تعبدا ورقا لرب العالمين مولي النعم، غير مشرك في شكره شريكا من الآلهة والأنداد كما يفعل المشركون، سائلا ربّه في أن يوفقه لذكره وشكره وحسن عبادته حتى يكون أهلا لجنته ودار كرامته التي لا لغو فيها ولا تأثيم قائلا: (واجعلني من ورثة جنة النعيم ((الشعراء ٨٥) . (١) نعمة ونعيما وحبرة وقرة عين بما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين.

المقام مقام دعوة وإرشاد ولا يخلو من استفزازت وانفعالات وتشنجات، وإبراهيم (بشر رسول قد يثور ويغضب على جهالة الجهال وسفاهة السفهاء، والحلم سيد الأخلاق ومن لوازم الدعوة الأناءة والصبر، والتحمل من أصولها.

٥- قال (: (إنّ إبراهيم لَحلِيمٌ أواه منيب (

الخليل (أقدر على حزم نفسه وضبط أعصابه، ليصفح عن جهالات الناس ويصبر على أذاهم، فهو لم يعاقب قط إلا في الله ولم ينتصر إلا لله، لأنه طبع على أحب الصفات إلى الله وهي: الحلم وكرم الأخلاق والطمأنينة والتؤدة، فأصبحت من صفاته الخِلْقية والخُلُقية (٢) ولكن قد يعجز عنها أصحاب الدعوة، فما أجدر بهم أن يقتدوا بإمام الدعوة والدعاة الخليل (.

ومن آثار حلمه: توجعه وتألمه على كفر أبيه وقومه وأذيتهم له، ولم يستعجل لهم بالعقوبة والعذاب على حين أن حالهم يستوجب إحلال العذاب بهم.

٦- قال (: (أوّاه.... (:.


(١) انظر جامع البيان للطبري ج١٤/١٩٠- ١٩٣، وأحكام القرآن للقرطبي ج٢/٨٦، ١٣٣، ١٠/١٩٧، ١٩٨، وفتح القدير للشوكاني ج١/١٣٣، ٣/٢٠٢.
(٢) وفي هذا يقول النبي (لأشج عبد القيس (: (إنّ فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناءة) .صحيح مسلم ج١/٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>