للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حين يتذكر حرمان أبيه وقومه من نعمة الإيمان ومن نعمة نعيم الجنة، يتذكر عاقبة الذين أساؤوا من قومه السوأى فتذهب نفسه عليهم حسرات، يتوجع على عاقبتهم بدخولهم النار ويتأوه على سماجة رأيهم وسفاهة عقلهم، ولكن لا ينفع الأسى على قوم كافرين، فيطلب من ربّه تبارك وتعالى الصبر والسلوان بكثرة تلاوة كتابه والإنابة والخشوع له، ويبتهل بالدعاء والتضرع إليه سبحانه وتعالى مقرا بالضعف والاستكانة (١) .

٧- قال (: (مُنِيب... (:

إنابة وافتقار إلى الله تبارك وتعالى من قدوة الدعاة الخليل (في طلب المدد والعون والسداد في كل الشئون، وتفويض لحال قومه إلى الله، فإنه لا غنى للعبد عن مولاه طرفة عين أو أقل من ذلك، لا سيما في أمر الدعوةِ إلى الله.

فمهما بلغ تمكن العبد وتمكينه ومهما أعطي من قوة واقدام واستكملت لديه قوام الحياة وعناصر السعادة، فلا يزال الضعف والعجز يلازمه، ومهما بلغ من العلم والفهم والذكاء فإن النقص لا يفارقه، إلا من ركب مركب الصدق وتوجه به إلى الله في مغالبة الصعاب بعزيمة صادقة ونية خالصة: (والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصِدّقون والشهداء عند ربّهم لهم أجرهم ونورهم ((الحديد ١٩) .

قال (: (إنه كان صديقاً نبياً (:

قال الزمخشري أي: (كان جامعا لخصائص الصديقين والأنبياء وبليغا في الصدق) (٢) وذكرت هذه الصفة هنا مقترنة مع النبوة لكونه (كما قال الراغب: (صدق بقوله واعتقاده وحقق صدقه بفعله ((٣)


(١) انظر أحكام القرآن للقرطبي ج٨/٢٧٥.
(٢) تفسير الكشاف للزمخشري ج٣/١٧.
(٣) مفردات ألفاظ القرآن للراغب (٤٧٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>