فلا عجب أن يذكر الله تعالى خليله إبراهيم (في معرض كمال الصدق ونهايته، كما يُفهم من معاني الآية الكريمة حيث عبر بصيغة المبالغة، فقال: (واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقاً نبياً ((مريم ٤٤١) فإنّ الصدق ملاك أمر النبوة ومن لوازم الدعوة ومن أخص صفات الداعية، وقد جعله الله من كمال الإيمان، فقال:(والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون.... ((الحدديد ١٩) وجعله من مؤيدات النبوة والرسالة، فقال:(لقد أرسلنا رسلنا بالبينات ((الحديد ٢٥) وقال: (قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة ((يوسف ١٠٨) . (١) وأمر به فقال: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ((التوبة ١١٩) لأنه مفتاح الخلة وباب الرضى ورَحبَة الثقة والمودة.
٩- قال (: (واتخذ الله إبراهيم خليلا... (:
منزلة الخُلة منزلة رفيعة عظيمة عالية، وهي والصدق توءمان كل منهما يختبيء في الآخر لينوب عنه، ولم تحصل هذه المرتبة إلا للخليلين: محمد وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام.
ولنقف عند هذه الصفة العظيمة لنستشف بعض معانيها الجليلة وأسرارها اللطيفة:
(١) أحكام القرآن للقرطبي ج١/٢٣٣، ٥/٢٧٢، وفتح القدير للشوكاني ج٣/٣٣٥.