للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم يمضي الخليل (في دعائه لله تعالى كحال الضعفاء متواضعا يطرح فقره وفاقته وحاجته ووجده أمام ربّه على تَرِكَتِه وفراقه لأهله، مستسلما مسلما أمره إلى مولاه ما يغني عن البيان والكلام، ويسأله معترفا بالعبودية والإخلاص، أن يجنبه الرياء والسمعة ويمن عليه بالرضى، فيقول: (ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء ((إبراهيم ٣٨) . (١) .

وإن الشكر على النعم على الدوام محمود وعند الحاجة والشوق أحمد وآكد، فيلهج لسانه (بالحمد والشكر على نعم الله الواصلة إليه شأن العبد يحمد ربّه ويثني عليه بالثناء الجميل على نعمه العظيمة بما مَنّ عليه ورزقه من الذرية الصالحة بعد الكبر وما أَجَلَّ الإنعام بها عند إحساس الفرد بقرب نهايته وحاجته الفطرية إلى الإمتداد ببقاء ذِكره، فيقول: (الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق إنّ ربي لسميع الدعاء رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء، ربنا اغفر لي ولوالديّ وللمؤمنين يوم يقوم الحساب ((إبراهيم ٣٩- ٤١) . (٢) .


(١) فكأن لسان حال الخليل (يقول: اللهم إنك أعلم بأحوالنا ومصالحنا من أنفسنا فلا حاجة لنا إلى الطلب، لكن ندعوك لإظهار العبودية.
(٢) سورة إبراهيم (٣٥- ٤١) وقرأ بعضهم: {ولِوَلدَيّ} يعني أسماعيل وإسحاق. أحكام القرآن للقرطبي ج٩/٣٧٥، وانظر روح المعاني للألوسي ج٥/٢٤٣، وفتح القدير للشوكاني ج٣/١١٣

<<  <  ج: ص:  >  >>