للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وينتهز إبراهيم (فرصة اختلائه بربّه متوجها مبتهلا مستزيدا مستكثرا من رب لا يمل ولا يضجر، لا يطلب دنيا أو صحة في الأبدان، ولكن يسأله ما هو أعلى وأولى وأجل فيقول: (رب هب لي حُكْماً وألحقني بالصالحين واجعل لي لسان صدق فى الآخرين واجعلني من ورثة جنة النعيم ((الشعراء ٨٣) (١) .فاستجاب الله دعاءه فقال: (وتركنا عليه في الآخرين ((الصافات ١٢٩) . إذ ليس أحد يصلي على محمد (إلا وهو يصلي على إبراهيم (. (٢) .


(١) تفسير ابن كثير ج٣/٣٣٨.ولِذِكْر إبراهيم (في دعائه لفظ (الوراثة) فوائد وأسرار منها: أنه تيمن واقتداء في الطلب بقوله تعالى: (تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا (مريم (٦٣) . أي: نبقيها على من كان تقيا من ثمرة تقواه ونمتعه بها كما نبقي على الوارث مال مورثه ونمتعه به، ومنها: أنه ينبغي للإنسان أن يتخير في دعائه أحسن الألفاظ أرقها وأعذبها وأشملها ويحسن في الطلب فإن الله لا يعجزه شيء.
زاد سيد قطب: فيه إشارة إلى أن من أراد الوراثة فالطريق معروف: التوبة والإيمان والعمل الصالح، أما وراثة النسب فلا تجدي، فقد ورث قوم نسب أولئك الأتقياء من النبيين وممن هدى الله واجتبى؛ لكنهم أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات، فلم تنفعهم وراثة النسب قال تعالى: (فسوف يلقون غيا (سورة مرريم (٥٩) في ظلال القرآن ج٤/٢٣١٥.
(٢) أحكام القرآن للقرطبي ج١٣/١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>