للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي كل أمة بنظمها الخاصَّة، وأساليب حياتها وما وصلت إليه في سلَّم الارتقاء المادّي والمعنوي وفي كل عصر بنزعاته العامَّة ودرجة حضارته وما جرى فيه من أحداث (١) .

يقول د. إبراهيم السّمرائي في هذا:

"وقد تكون في الفصيحة مجازات غير معروفة في الألسنة الدَّارجة ذلك أن المجاز يتأثر بالبيئة التي تدرج فيها المجموعة البشرية فأصحاب الحرف والأصناف يقذفون بمجازاتهم المألوفة المعروفة متأثرين ببيئتهم الضيّقة، وهكذا تتعدَّد ألوان القول في المجتمع الواحد" (٢) .

وقد تتغير مدلولات الألفاظ تبعاً لتغير طبيعة الشيء الذي تدلُّ عليه أو لتغير ملابساته وظروفه، فلفظ الرّيشة - مثلاً - مدلوله السابق هو آلة الكتابة التي كانت تُتخذ من ريش الطيور، أما الآن فأصبح يدلُّ على تلك القطعة المعدنية في القلم وهكذا...... (٣)

وقد أشار د. إبراهيم أنيس إلى أن هذا الاختلاف في المدلول اللفظي بين الأشخاص أو المجتمعات قد يكون سبباً في الجدل والنقاش حيناً أو إلى النزاع والشجار أحياناً أخرى.

لذا لا بد للمتكلّم من مراعاة فهم السَّامع حتى يصل بهذا الكلام إلى قلبه ومنها إلى الحكم على ذلك الكلام بالبلاغة (٤) .

فانظر - مثلاً - إلى العصر الجاهلي كيف طغت البيئة وعناصرها على شعرائه في أي غرض من أغراضه، وليكن قول أمريء القيس التالي مثالاً على ذلك:

"وكشحٍ لطيفٍ كالجديل مخصَّرٍ

وساقٍ كأنبوب السَّقيّ المذلَّلِ


(١) فقه اللغة، د. علي عبد الواحد وافي، ص٢٣٧، ط (٧) ، (بتصرُّف) ، دار نهضة مصر للطبع والنشر.
(٢) التطور اللغوي التاريخي، د. إبراهيم السَّمرائي، ص٣٦، ط (٣) ، سنة ١٩٨٣م، دار الأندلس، بيروت.
(٣) نفسه) . (نفس الصفحة) . (بتصرُّف)
(٤) دلالة الألفاظ، د. إبراهيم أنيس، ص٩، ط (٥) ،سنة١٩٨٤م، (بتصرُّف) ، مكتبة الآنجلو المصرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>