للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلمَّا أمر السّياق الكريم بتقوى الله وحذر من عقابه تطلَّعت نفس السامع إلى معرفة السبب مع الشك في العقاب، فجاءت الإجابة مطابقة للحال أو مقتضية لذلك الشك إذ اقترن الأسلوب ب (إنَّ) المؤكدة للخبر المذكور في الآية الكريمة.

كما قد تقتضي حال المخاطب - الذي يعتقد بشيء مخالف للواقع - أن تقلب عليه ذلك الاعتقاد كقولك - مثلا -: ما فاز إلا محمد (لمن ظنَّ أن غيره هو الفائز) . ومثلها من القرآن قوله تعالى (١) :

{واتبعوا ماتتلو الشياطين على مُلك سليمان وما كفر سليمان ولكنَّ الشياطين كفروا...} الآية.

كذا في حال ظن السامع اشتراك شخصين أو شيئين في حكم واحد فالحال تقتضي أن تأتي بخصائص أسلوبية تُفرد له شيئاً أو شخصاً واحداً في ذلك الحكم، فنقول لمن ظنَّ أن زيداً ومحمداً قادمان: إنَّما القادم زيدٌ.

ومنها قوله تعالى (٢) :

{قل هو الله أحد الله الصمد......} الآيات

يخاطب بها من ظن أن الله سبحانه وتعالى يشترك مع غيره في هذه الصفات، فكل آية من السورة تفرد له صفة لا يمكن أن يشاركه فيها غيره (٣) سبحانه وتعالى عما يقولون علواً كبيراً.

ومنها قوله تعالى (٤) :

{وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو}

يخاطب بها كل من ظن أو أشرك مع الله سبحانه وتعالى أحدًا في معرفة الغيب (٥) .

وساعد على ذلك أسلوب القصر في قوله:

{لا يعلمها إلا هو}

تعقيب

ماقيل في مراعاة مقتضى الحال في المجالات السابقة يمكن أن يقاس عليه كل ما لم يُذكر هنا.


(١) سورة البقرة: ١٠٢
(٢) سورة الإخلاص: ١-٢
(٣) تفسير أبي السعود، ٩/٢١٢ (بتصرُّف) .
(٤) سورة الأنعام: ٥٩
(٥) أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، محمد الأمين الشنقيطي، ٢/١٩٥ (بتصرُّف) ، ط (بدون) ، عالم الكتب، بيروت.

<<  <  ج: ص:  >  >>