للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن هؤلاء أربعة شعراء من شعراء الأعراب معَّمرين عاشوا في الجاهلية دهراً، ثم أدركوا الإسلام فأسلموا وعاشوا فيه طويلاً حتى أدرك بعضهم زمن الأمويين وهؤلاء هم: أبو الطمحان القيني وشبيل بن ورقاء وتميم بن أبَي بن مقبل والحطيئة. وهؤلاء الشعراء الأربعة تجمعهم صفات مشتركة فهم جميعا مخضرمون وشعراء أعراب، وتفيد أخبارهم التي تناقلها الرواة أنهم جميعاً لم يطمئنوا للإسلام، ولم يتمكن من نفوسهم. فقد نشأوا في الجاهلية، وتطبعوا بطبائع أهلها وتأثروا فيها، وتمكنت عاداتها وتقاليدها في نفوسهم، وحينما جاء الإسلام لم يتأثروا كثيرا به لجفائهم وغلظتهم وشدة تبديهم. ويظهر من أخبارهم أنهم لم يستطيعوا أن يتأقلموا مع الحياة الإسلامية، ومضوا يعيشون الحياة كما كانوا يعيشونها قبل الإسلام غير مبالين بتعاليم الدين وأوامره ونواهيه. وعلى الرغم من التحول الكبير الذي أحدثه الإسلام في نفوس العرب الذين آمنوا به حين بدلت الدعوة الكثير من المفاهيم الخاطئة والعادات الموروثة التي ألفها الناس واعتادوا عليها، إلا فئة قليلة منهم يظهر أن الإسلام أوقعها في حرج، فقد قبلته على مضض، ومن خلال سلوك بعض أفرادها بعد إسلامه ظهر أنه لا يمكنه الانقطاع عن ماضيه. ولهذا حدث تعارض بين قديمه الموروث وجديده المكتسب، عبّر عنه من خلال تصرفاته التي تخالف نهج الإسلام وطهارته. لقد حفظت لنا الروايات نزراً يسيراً من أخبار بعض شعراء البادية الذين أسلموا، لكن قلوبهم بقيت على ما كانت عليه قبل الإسلام. فلم يحفلوا بالإسلام ولم يتعمقوا أسرار الدين وشرائعه ولذلك ظل موقف بعضهم من العقيدة ومن فرائضها يلفه الغموض وعدم الالتزام. وذلك ناتج عن عدم تمكن هؤلاء الأعراب من فهم الإسلام الفهم الصحيح، فهم قوم لم يصحبوا الرسول (صحبة كافية. وبعد إسلامهم انصرفوا إلى ذواتهم وحياتهم المعتادة من قبل. ولم يستطيعوا مجاراة التحولات الكبيرة

<<  <  ج: ص:  >  >>