للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمتغيرات المتلاحقة التي مر بها المجتمع العربي في بداية عصر الخلفاء الراشدين. كما أنهم لم يستطيعوا الانفكاك من الوجدان القبلي الذي كان يصبغ حياتهم، ولم يستطيعوا التخلص من تأثيره. وظلوا متأرجحين بين عادات الجاهلية التي تأصلت في نفوسهم من قبل، وعالم من حولهم يتغير بسرعة متناهية. لقد امتد وجود بعضهم في الإسلام فترة تقترب من نصف قرن من الزمان، ومع ذلك ظلوا بعيدين عن فهم الإسلام، وظلوا معزولين عن الحياة الإسلامية. وباستثناء فئة قليلة منهم مسّ الإيمان قلوبهم وكانوا مسلمين رجال صدق من مثل لبيد بن ربيعة والنابغة الجعدي فإن فئة غير قليلة من شعراء الأعراب كانت صلتهم بالدين ضعيفة. فالإيمان لم ينفذ إلى قلوبهم ولم يتعمقوا فهم العقيدة وفرائضها. ولذلك لم يجد بعضهم حرجا في التصريح بارتكابه المحرمات فهم يقبلون عليها ولا يجدون فيها ما يشينهم أو يعيبهم. كما أن سلوك بعضهم ظل وثيق الصلة بالماضي ولذا عجزوا عن تغيير قيمهم الدينية والاجتماعية.

فأبو الطمحان القيني (١) ذكره ابن قتيبة (٢) فقال: ((هو حنظلة بن الشرْقيّ، وكان فاسقاً، وقال عنه الأصفهاني (٣) : ((وكان أبو الطمحان شاعراً فارساً خارباً صعلوكاً، وهو من المخضرمين، أدرك الجاهلية والإسلام، فكان خبيث الدين فيهما كما يُذْكر. ووصفه البكري فقال (٤) : ((وكان خبيث الدين جيد الشعر)) . وذكر ابن حجر (٥) أن ابن قتيبة ذكر له في كتاب الشعراء شعراً يتبرأ فيه من الذنوب كالزنا وشرب الخمر وأكل لحم الخنزير والسرقة)) .

<<  <  ج: ص:  >  >>