تَأْمُرُني بالصوْمِ لا دَرّ درها
وفي القبْرِ صَوْمُ لا أبَاكِ طَوِيلُ
وفي الاشتقاق بنحو مما في رواية ابن قتيبة (١١) .
وأخبار الرواة عن شبيل بن ورقاء نادرة. فلم أقف له على شيء يذكر في المصادر التي اطلعت عليها، إلا ما تقدم ذكره مما يجعل رسم صورة عن حياته أمراً غير ممكن. وفي ضوء خبر ابن قتيبة، يمكن القول إن الإسلام لم يتمكن من نفس شبيل، ولم يتعمق في قلبه. فظل بعد إسلامه جافياً رقيق الدين. يقترف الذنوب ويجاهر بها، ويصعب عليه صوم شهر رمضان، وفي هذا دلالة على فسقه واستهتاره، وضعف عقيدته، وتنكره للدين وفرائضه.
وأشهر من يذكر في هذا المجال من شعراء الأعراب. شاعران هما: الحطيئة، جرول ابن أوس، وابن مقبل وسيأتي ذكر الحطيئة لاحقاً. أما تميم بن أُبَيّ بن مقبل فقد وضعه ابن سلام في الطبقة الخامسة من شعراء الجاهلية وقال عنه: ((وكان ابن مقبل جافياً في الدين، وكان في الإسلام يبكي أهل الجاهلية ويذكرها، فقيل له: تبكي أهل الجاهلية وأنت مسلم فقال: [الطويل]
ومَالِيَ لا أَبكِي الديَارَ وأهْلَهَا
وقد زارها زُوّارُعَكٍ وحِمْيَرَا
وجاء قَطَا الأجْبَابِ مِنْ كُل جَانِبٍ
فَوقّعَ في أعطانِنَا ثُم طَيّراَ
وهذان البيتان يعبران عن غربة ابن مقبل في الإسلام فلم يكن انتقاله من عهد الجاهلية إلى الإسلام ليحدث تحولاً في حياته أو تبديلاً في نمط تفكيره. فهو يحن إلى أيام الجاهلية ويبكي أهلها ويتذكرهم، ويرى أن الزمان قد تغير وأن الأرض قد بدلت، وتغيرت أخلاق الناس فصار يرى نفسه غريباً يعيش في وسط غريب عنه. يفسر هذا ويجليه قوله في القصيدة التي منها البيتان السابقان: [الطويل]
أَجِدّى أرى هذا الزمَان تَغيّرا
وبَطْنَ الركاءِ من مَوالّي أقْفَرَا
وكائِنْ ترى من مَنْهل بادَ أهلُهُ
وعِيدَ على معروفِهِ فتنكرا