إن في القليل من الشواهد التي عرضنا لها من أخباره وأشعاره ما يكفي للتدليل على استخفافه بالإسلام وأهله. لقد ظل ضابئ متأرجحاً بين القيم الروحية التي تميلها عليه عقيدته وبيئته الإسلامية، وبين طباعه وأخلاقه التي جبل عليها. فهو في أخباره وأشعاره أقرب إلى الجاهلية وأخلاقها منه إلى الإسلام ونقائه وصفائه. وحينما نحاول أن نعلل ضعف الوازع الديني عند ضابئ وغيره من شعراء البادية لا نجد ما نسوغ به ذلك إلا شدة تمسكهم بأخلاقهم وطباعهم الجاهلية. فهم يقدسونها ويندفعون مع رغباتهم وأهواء نفوسهم غير مبالين بالدين وفرائضه، وذلك لجهلهم بالإسلام، وأنهم لا يعرفون حدوده، ولم يقفوا على حقائق العقيدة وأصول الشريعة، فغابت عن أكثرهم معالم الدين وحكمه ومراميه. وانساقوا وراء عادات الجاهلية وتقاليدها، وشغلوا أنفسهم بحياتهم الخاصة وابتعدوا عن جوهر الإسلام، وشرف غاياته ونبل مقاصده. فهذا ضابئ يتحلل من واجبات الإسلام ويخالف ما تفرضه العقيدة والمثل العربية والأخلاق الاجتماعية. فينتهك حرمات الأنفس والعورات، ويقذف المحصنات ويهتك أعراضهن ويهم بقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، مستهيناً بسلطان المسلمين ونقمتهم وغضبهم.