يجد فيه قيس بن عمرو متنفساً له يخص به أتقياء الكوفة وقراءها. ويصور ذلك في هجاء مقذع يحتقر فيه أولئك الذين كانوا يكثرون من الصوم والصلاة وقراءة القرآن.
أما ضابئ بن الحارث البرجمي، فقد قاده فحشه وشره إلى السجن وإقامة الحد، ثم انتهى به أخيراً إلى القتل.
وهكذا تبين لنا من سيرة هؤلاء الشعراء الذين تقدم ذكرهم. أنهم مطبوعون على الشر، يغلب على أشعارهم الهجاء. فطائفة منهم لا تبالي في الوقوع في أعراض الناس، وأخرى يظهر من سلوكهم أنهم لا يحترمون تعاليم الإسلام وفرائضه. وقد برهنوا من خلال تلك الروايات والأشعار التي تقدمت الإشارة إليها من قبل، أنهم جميعاً يتصفون برقة الدين وقلة المروءة.
وفي نهاية هذا البحث بقيت لي كلمة لا بد من الإفصاح عنها وهي:
أدرك أن الخوض في أمور تمس العقائد والسلوك الاجتماعي، أمر شائك وصعب، فيه مزالق كثيرة، يجد المسلم نفسه في غنى عن الخوض فيها وفي تتبعها. وتزداد الأمور صعوبة وتعقيداً حينما تكون تلك الشخصيات قد عاشت في عصر مفضل، ومنهم من هو في عداد الصحابة رضوان الله عليهم – مثل – (أبو الطمحان القيني حنظلة بن شرقي) الذي ترجم له الحافظ بن حجر في (الإصابة ٢/١٨٣) وعدد من الصحابة الذين أدركوا النبي (ولم يروه.