بيد أن الأستاذ أحمد جمال قد احتذى الوسطية، في توجهه الأسلوبي، أو لنقل إن المناخ العام قد هيمن على توجهه الأسلوبي، تبعا للموضوعات والطروحات التي يناقشها ويخوض غمارها، فهي تتوزع بين قضايا فقهية وفكرية وما يتصل بروايات وأحداث السيرة النبوية، إضافة إلى ما يتصل بمشكلات العالم الإسلامي والمسلمين في شتى بقاعهم ومختلف اصقاعهم.
أو تبعا للموضع أو الموضوع، كما يتجسد في القضايا الاجتماعية التي تناولها في الصحف والمجلات، وهي طروحات تتسم بخصائص أسلوبية تجنح إلى البساطة والوضوح، ليتسنى للسّواد الأعظم من القراء استيعاب مضامينها والتفاعل مع طروحاتها.
ولذلك فإن نبرة الخطاب لدى الأستاذ جمال تتباين حسب الموضع والموضوع وقد قيّض الله له أن عاش في بلد لم تطأه قدم مستعمر، ولم يترك على ثراها أثرا من فتنه ومحنه وموبقاته، والمستثيرة لغضبة ونقمة الغيارى من كتّاب وسواهم، لذا لا يبدو محتداً إلا حينما تنتهك المحرّمات، أو يتحايل على حلّها، وتسويغها، كما هو الشأن في قناعته بأن دعوى تحرير المرأة تستهدف التغرير بها للخروج والانحلال بدعوى التطور، والمشاركة والاستجابة لمتطلبات العصر ومسلتزمات الحضارة فأطلق زأرته المشهورة في كتابه المعروف (مكانك تحمدي) وهو عنوان ينطوي على مفارقة لطيفة إذ يعيد المفكر في حالة تلبسه بالغضب، حميّة للعقيدة، وغيرة على الحرمات، إلى جذوره الشعرية، كما يكشف عن بعض مصادره الأدبية فقد استقاه من أبيات الشاعر عمرو بن الإطنابة الحماسية التي يقول فيها: