والمؤلف حصر مناقشة المؤلفين في الجزء الأول من الكتاب ولم يلتزم التسلسل التاريخي للمؤلفين، أو الكتب، وإنما ناقش ما تضمنته هذه المؤلفات من آراء دون تسلسل زمني، فهو يناقش آراء الشيخ محمد أمين الشنقيطي من المعاصرين بعد ابن حزم من المتقدمين، وقبل (المفيد في مشكل القرآن) ، المنسوب لسلطان العلماء. العز ابن عبد السلام، ويقدم نقده لكتاب الدكتور مصطفى محمود في كتاب (القرآن محاولة لفهم عصري) على مناقشته للخطيب الإسكافي في كتاب (درة التنزيل وغرة التأويل) ، والذي يردفه بنقد المستشرق اليهودي جولد تسيهر في كتابه (المذاهب الإسلامية في تفسير القرآن)
ويحمد للمؤلف تكريسه للقيم الخلقية الإسلامية في مناقشة المؤلفين، فالهدف يتسامى للبحث عن الحقيقة، وينأى عن الغض والتجريح، فهو يقول:(لفضيلة الشيخ محمد أمين الشنقيطي - رحمه الله - قدم صدق، ويد طولى في تفسير القرآن الكريم، وله كتاب قيم في ذلك، وهو (أضواء في علوم القرآن) ، وقد سعدت بقراءة مقالاته المتتابعة في مجلة الجامعة تحت عنوان (دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب) ، صال فيه وجال بعلمه الواسع وفكره الثاقب، وانتفعت بآرائه ونظرياته في التوفيق بين بعض المفهومات القرآنية، وبعضها الآخر، وإني لأدعو له حسن الجزاء، وجزيل المثوبة) (٥٠) .
وإذا كان أحمد جمال في الثناء على المؤلف دمثا وكريما، فإنه في المناقشة العلمية يتجافى عن المجاملة، وينتصب للتصدي للحقيقة العلمية، كما في قوله:(علّق الشيخ على هذه الآية (ذق إنك أنت العزيز الكريم)(٥١) بقوله: إنه يتوهم من ظاهرها ثبوت العزة والكرامة لأهل النار، مع أنّ الآيات القرآنية مصرحة بخلاف ذلك، مثل قوله:(سيدخلون جهنم داخرين)(٥٢) أي صاغرين أذلاء، وقوله:(ولهم عذاب مهين)(٥٣) .