ثانياً: قصص نزل من أجله القرآن، فلم يذكر أحداثه ووقائعه ومشكلاته، إنما ذكّر بها تذكيراً، بأن أشار إليها، أو رمز لها برمز جلي لا لبس في مراده منها، وهي التي جاء القرآن العظيم ليعطي فيها العبرة والموعظة، أو الحكم أو الحل، أو يكشف سرّ أصحابها، من براءة أو خيانة، وصدق أو كذب، ووفاء أو غدر، وهو ما سمّاه المتحدثون القدامى عن علوم القرآن باسم (أسباب النزول)(٦٣) . لذلك يتعين أن نورد إحدى تلك القصص، ليتسنى للقارىء الإسهام والمشاركة في الحكم، ولكي يتحقق الهدف الأساسي من بحثنا، وهو الوقوف على المظاهر الأسلوبية التي تميزّ أدب أحمد جمال، وتوجهه الفكري، حيث يقول في قصة:(يهودي متهم - يبرئه القرآن)
يقول الله عز وجل - في سورة النساء:
(إناّ أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما (١٠٥) واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما (١٠٦) ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيماً (١٠٧) يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا (١٠٨) ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلاً (١٠٩) ومن يعمل سوءًا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيماً (١١٠) ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليما حكيماً (١١١) ومن يكسب خطيئة أو إثماً ثم يرم به بريئاً فقد احتمل بهتاناً وإثما مبيناً (١١٢) .
ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبيّن له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً (١١٥) .
كان بنو أبيرق، من أهل المدينة مردوا على النفاق، وكان أحدهم (طعمة) يقول الشعر سفها، يريد أن يبلغ به الصحابة العلية، وما هو ببالغهم.