للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ بَيَّنْتُ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالْكَفَّارَاتِ مَبْلَغَ الْفَرَقِ وَأَنَّهُ ثَلَاثَةُ آصُعٍ، وَبَيَّنْتُ أَنَّ الصَّاعَ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ، وَأَنَّ الْفَرَقَ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا. وَأَنَّ الصَّاعَ ثُلُثُهُ إِذِ الْفَرَقُ ثَلَاثَةُ آصُعٍ، وَالصَّاعُ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ، بِدَلَائِلِ أَخْبَارِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذِهِ الْآيَةُ مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي نَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - أَجْمَلَ فَرِيضَةً في كتابه وَبَيَّنَ مَبْلَغَهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إِذِ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - أَمَرَ بِالْفِدْيَةِ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ فِي كِتَابِهِ بِصِيَامٍ، لَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ عَدَدَ أَيَّامِ الصِّيَامِ، وَلَا مَبْلَغَ الصَّدَقَةِ، وَلَا عَدَدَ مَنْ يُصَدَّقُ بِصَدَقَةِ الْفِدْيَةِ عَلَيْهِمْ، وَلَا وَصَفَ النُّسُكَ، فَبَيَّنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي وَلَّاهُ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - بَيَانَ مَا أَنْزَلَ عَلَيْهِ مِنْ وحيه (١)، أَنَّ الصِّيَامَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَالصَّدَقَةَ ثَلَاثَةُ آصُعٍ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينٍ، وَأَنَّ النُّسُكَ شَاةٌ، وَذِكْرُ النُّسُكِ فِي هَذَا [٢٦٧] الْخَبَرِ هُوَ مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي يَقُولُ: إِنَّ الْحُكْمَ بِالْمِثْلِ وَالشَّبَهِ وَالنَّظِيرِ وَاجِبٌ، فَسُبْعُ بَقَرَةٍ وَسُبْعُ بَدَنَةٍ فِي فِدْيَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ جَائِزٌ، أَوْ سُبْعُ بَقَرَةٍ، وَسُبْعُ بَدَنَةٍ يَقُومُ مَقَامَ شَاةٍ فِي الْفِدْيَةِ، وَفِي الْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ، وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ أَنَّ سُبْعَ بَدَنَةٍ، وَسُبْعَ بَقَرَةٍ يَقُومُ كُلُّ سُبْعٍ مِنْهَا مَقَامَ شَاةٍ فِي هَدْيِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ وَالْأُضْحِيَةِ، لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي ذَلِكَ الْأَمْرِ، زَعَمَ أَنَّ الْقِرَانَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِسَوْقِ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ.

قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّ عُشْرَ بَدَنَةٍ يَقُومُ مَقَامَ شَاةٍ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، فَمَنْ أَجَازَ عُشْرَ بَدَنَةٍ فِي ذَلِكَ، كَانَ لِسُبْعِهِ أَجْوزَ إِذِ السُّبْعُ أَكْثَرُ مِنَ الْعُشْرِ، وَقَدْ كُنْتُ أَمْلَيْتُ عَلَى بَعْضِ أَصْحَابِنَا مَسْأَلَةً فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَبَيَّنْتُ أَنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - قَدْ يُوجِبُ الشَّيْءَ فِي كِتَابِهِ بِمَعْنًى وَقَدْ يَجِبُ ذَلِكَ الشَّيْءُ بِغَيْرِ ذَلِكَ الْمَعْنَى الَّذِي أَوْجَبَهُ اللَّهُ فِي الْكِتَابِ، إِمَّا عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ عَلَى لِسَانِ أُمَّتِهِ، لِأَنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - إِنَّمَا أَوْجَبَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى مَنْ أَصَابَهُ أذى فِي رَأْسِهِ، أَوْ كَانَ بِهِ مَرَضٌ، فَحَلَقَ رَأْسَهُ، وَقَدْ تَجِبُ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ هَذِهِ الْفِدْيَةُ عَلَى حَالِقِ الرَّأْسِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ، وَلَا كَانَ مَرِيضًا، وَكَانَ عَاصِيًا


(١) في الأصل: "وجه"، وصوابه "وحيه".

<<  <  ج: ص:  >  >>