الحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وخاتم النبيين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. سبحان الله مقدر الأقدار وخالق الأسباب؛ فإنه ليس للواحد منا أدنى فضل فيما يُكتب له من توفيق في عمل قام به، أو من سداد في طريق سلكها وتخطى عقباتها، وإنما الفضل كل الفضل إلى بارئ النسمة وفالق الإصباح ومن بيده الخير لمن أراد وأنَّى شاء.
كان ذلك عام ١٣٨١هـ عندما كتب لي زيارة القطر الشقيق تركيا وتمتعت عيناي بمرأى عاصمة الخلافة استنبول، وصحيح أنه كان في ذهني وأنا أقصدها بل ومن أبرز الدوافع لزيارتها أن أنقب في مكتبات هذه المدينة وأكشف النقاب عن الثمين والنادر من المخطوطات في الحديث، إلا أن هذا التصور الذهني والأمل النفسي باتا ضعيفين، إن لم يتبددا، لأن وفدًا من الجامعة العربية قد زار هذه المكتبات وسبقني إلى البحث والتنقيب عن المخطوطات، فقد أيقنت أن الإخوة الكرام لن يفوتهم ما أطلب، والجوهر جذاب وإن كان بين طبقات الثرى -كما يقولون- فلا شك في أنهم قد صوروا الكثير منها إن لم يكن جميعها.
وحدث ما لم أتوقعه، فحباني الله -وله الفضل والمنة- بعدة مخطوطات نادرة، من بينها هذه الجوهرة التي طالما افتقدها الكثير:"صحيح ابن خزيمة"، ولا أعتقد أن أحدًا قد اطلع على هذا الكتاب وصوره قبل