لَيُصَلِّيهِمَا أَمْرُ اخْتِيَارٍ وَاسْتِحْبَابٍ، وَالتَّجَوُّزِ فِيهِمَا، وَالدَّلِيلِ عَلَى ضِدِّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا كَانَ خَاصًّا لِسُلَيْكٍ الْغَطَفَانِيِّ
١٨٣٥ - أَنَا أَبُو طَاهِرٍ، نَا أَبُو بَكْرٍ، نَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، أَخْبَرَنَا عِيسَى -يَعْنِي ابْنَ يُونُسَ- عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ:
جَاءَ سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِيُّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ، فَجَلَسَ، فَقَالَ لَهُ: "يَا سُلَيْكُ! قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا". ثُمَّ قَالَ: "إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَمَرَ بَعْدَ فَرَاغِ سُلَيْكٍ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ: مَنْ جَاءَ إِلَى الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، بِهَذَا الْأَمْرِ كُلَّ مُسْلِمٍ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ.
وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَتَأَوَّلَ عَالِمٌ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّمَا خَصَّ بِهَذَا الْأَمْرِ سُلَيْكًا الْغَطَفَانِيَّ إِذْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ رَثَّ الْهَيْئَةِ وَقْتَ خُطْبَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْمُرُ بِلَفْظٍ عَامٍّ: "مَنْ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ"، بَعْدَ فَرَاغِ سُلَيْكٍ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ.
وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ رَاوِي الْخَبَرِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَحْلِفُ أَنْ لَا يَتْرُكَهُمَا بَعْدَ أَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهِمَا، فَمَنِ ادَّعَى أَنَّ هَذَا كَانَ خَاصًّا لِسُلَيْكٍ، أَوْ لِلدَّاخِلِ وَهُوَ رَثُّ الْهَيْئَةِ وَقْتَ خُطْبَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدْ خَالَفَ أَخْبَارَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَنْصُوصَةَ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: "إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ" مُحَالٌ أَنْ يُرِيدَ بِهِ دَاخِلًا وَاحِدًا دُونَ غَيْرِهِ، لِأَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ: "إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ" عِنْدَ الْعَرَبِ يَسْتَحِيلُ أَنْ تَقَعَ عَلَى وَاحِدٍ دُونَ الْجَمْعِ، وَقَدْ خَرَّجْتُ طُرُقَ هَذِهِ الْأَخْبَارِ فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ".
(٩٧) بَابُ إِبَاحَةِ مَا أَرَادَ الْمُصَلِّي مِنَ الصَّلَاةِ قَبْلَ الْجُمُعَةِ
[١٨٣٥] م الجمعة ٥٩ من طريق علي بن خشرم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute