للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اذْبَحْ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ. قَالَ: فَأَهْلَلْتُ بِهِمَا مَعًا، فَلَمَّا أَتَيْتُ الْعُذَيْبَ لَقِيَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ وَزِيدُ بْنُ صُوحَانَ وَأَنَا أُهِلُّ بِهِمَا مَعًا، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: مَا هَذَا بِأَفْقَهَ مِنْ بَعِيرِهِ؟ فَكَأَنَّمَا أُلْقِيَ عَلَيَّ جَبَلٌ، حَتَّى أَتَيْتُ عُمَرَ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! إِنِّي كُنْتُ رَجُلًا أَعْرَابِيًّا نَصْرَانِيًّا، وَإِنِّي أَسْلَمْتُ، وَأَنَا حَرِيصٌ عَلَى الْجِهَادِ، وَإِنِّي وَجَدْتُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَكْتُوبَتَيْنِ عَلَيَّ، فَأَتَيْتُ رَجُلًا مِنْ عَشِيرَتِي يُقَالُ لَهُ: هُدَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَقُلْتُ: يَا هَنَاهُ! إِنِّي حَرِيصٌ عَلَى الْجِهَادِ، وَإِنِّي وَجَدْتُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَكْتُوبَتَيْنِ عَلَيَّ، فَكَيْفَ لِي أَنْ أَجْمَعَهُمَا؟ فَقَالَ: اجْمَعْهُمَا، ثُمَّ اذْبَحْ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، وَإِنِّي أَهْلَلْتُ بِهِمَا جَمِيعًا، فَلَمَّا أَتَيْتُ الْعُذَيْبَ لَقِيَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَزِيدُ بْنُ صُوحَانَ، وَأَنَا أُهِلُّ بِهِمَا مَعًا، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: [مَا] (١) هَذَا بِأَفْقَهَ مِنْ بَعِيرِهِ؟.

قَالَ: فَقَالَ لِي عُمَرُ: هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي تَرْكِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ النَّكِيرَ عَلَى الصَّبِّيِّ بْنِ مَعْبَدٍ قَوْلَهُ: وَإِنِّي وَجَدْتُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَكْتُوبَتَيْنِ عَلَيَّ، أَبْيَنُ الدِّلَالَةِ عَلَى أَنَّ الْعُمْرَةَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ كَانَتْ وَاجِبَةً كَالْحَجِّ، إِذْ لَوْ كَانَتِ الْعُمْرَةُ عِنْدَهُ تَطَوُّعًا، لَا وَاجِبَةً لَأَشْبَهَ أَنْ يُنْكِرَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ، وَلَقَالَ لَهُ: لَمْ نَجِدْ ذَلِكَ مَكْتُوبَتَيْنُ عَلَيْكَ، بَلْ إِنَّمَا وَجَدْتُ الْحَجَّ مَكْتُوبًا عَلَيْكَ دُونَ الْعُمْرَةِ، وَفِي تَرْكِهِ الْإِنْكَارَ عَلَيْهِ مَا أَفْتَاهُ هُدَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ دَلَالَةٌ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ الْقِرَانَ عِنْدَهُ جَائِزٌ مِنْ غَيْرِ سَوْقِ بَدَنَةٍ وَلَا بَقَرَةٍ مِنَ الْمِيقَاتِ الَّذِي يُحْرِمُ مِنْهُ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ.

وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ جَائِزٌ عَنِ الْقَارِنِ كَهُوَ عَنِ الْمُتَمَتِّعِ لَا كَمَا قَالَ [٣٠٠ - ب] بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِنَّ الْقِرَانَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِسَوْقِ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ يَسُوقُهُ مِنْ حَيْثُ يُحْرِمُ.


(١) ساقط من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>