عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ" مَا بَانَ وَثَبَتَ أَنَّ لِلْمُصَلِّي فَرِيضَةً أَنْ يَدْعُوَ وَيَجْتَهِدَ فِي سُجُودِهِ، وَإِنْ كَانَ مَا يَدْعُو بِهِ لَيْسَ مِنَ الْقُرْآنِ، إِذِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا خَاطَبَهُمْ بِهَذَا الْأَمْرِ وَهُمْ فِي مَكْتُوبَةٍ يُصَلُّونَهَا خَلْفَ الصِّدِّيقِ، لَا فِي تَطَوُّعٍ.
وَفِي خَبَرِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، وَعَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ كَبَّرَ فَرَفَعَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ". فَذَكَرَ الدُّعَاءَ بِتَمَامِهِ، مَا بَانَ وَثَبَتَ أَنَّ الدُّعَاءَ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ -وَإِنْ لَيْسَ ذَلِكَ الدُّعَاءُ فِي الْقُرْآنِ- جَائِزٌ، لَا كَمَا قَالَ مَنْ زَعَمَ: أَنَّ مَنْ دَعَا فِي الْمَكْتُوبَةِ بِمَا لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ، حَتَّى زَعَمَ أَنَّ مَنْ قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فِي الْمَكْتُوبَةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ، وَزَعَمَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ لَا حَوْلَ، وَزَعَمَ أَنَّهُ إِنِ انْفَرَدَ فَقَالَ: لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ جَازَ (١)، لِأَنَّ فِي الْقُرْآنِ [٧٨ - أ] (لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ) [الكهف: ٣٩]. فَيُقَالُ لَهُ: فَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ وَفِي الرُّكُوعِ، وَمَا سَنَذْكُرُهُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ وَإِرَادَتِهِ عِنْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ، وَفِي السُّجُودِ، وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَبَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ التَّشَهُّدِ قَبْلَ السَّلَامِ، وَأَمْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُصَلِّي بِأَنْ يَتَخَيَّرَ مِنَ الدُّعَاءِ مَا أَحَبَّ بَعْدَ التَّشَهُّدِ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ مِنَ الْقُرْآنِ؟ وَقَدْ دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَوَّلِ صَلَاتِهِ، وَفِي الرُّكُوعِ، وَعِنْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ، وَفِي السُّجُودِ، وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِأَلْفَاظٍ لَيْسَتْ تِلْكَ الْأَلْفَاظُ فِي الْقُرْآنِ، فَجَمِيعُ ذَلِكَ يَنُصُّ عَلَى ضِدِّ مَقَالَةِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ صَلَاةَ الدَّاعِي بِمَا لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ تَفْسُدُ.
(١) في الأصل: فقال: "لا حول ولا قوة إلا بالله جاز"، وهو خطأ بين كما يفهم من سياق الكلام.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute