للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكتابِ والسُّنَّةِ، والمَعقولِ الصَّريحِ، ونُصوصِ السَّلَفِ وكَلامِهم، خِلافًا لما يحسَبُه الجاهلونَ.

وإنِّي ذاكرٌ لكَ من ذلكَ ما فَتَحَ الله تعالى به لئلاَّ تضِلَّ السَّبيلَ، ولتَتَّقيَ ما أحدثَهُ الناسُ من القالِ والقيلِ:

• من أدلة الكتاب:

١ - قالَ الله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: ٥٤].

والاحتجاجُ بهذه الآيةِ من وَجْهَيْنِ:

الأول: أنَّه تعالى فرَّقَ بين الخَلْقِ والأمْرِ، وهما صِفَتان من صِفاتِهِ، أضافَهما إلى نفسهِ، أمَّا الخَلْقُ فَفِعْلُهُ، وأمَّا الأَمرُ فقولُهُ، والأصْلُ في المُتعاطفين التَّغايُرُ إلاَّ إذا قامَتِ القرينةُ على عَدم إرادَة ذَلكَ، وهنا قد قامتِ القرائنُ على توكيدِ الفَرْقِ بَيْنَهُما، ومنها الوجهُ الآتي.

والثاني: أنَّ الخَلْقَ إنَّما يكونُ بالأمْرِ، كَما قال تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: ٨٢].

فقوله تعالى: {كُنْ} هو أمْرُهُ، فلو كانَ مَخْلوقاً لاحتاجَ خلقُهُ إلى أمْرٍ، والأمْرُ إلى أمرٍ، إلى ما لا نِهاية، وهذا باطلٌ.

وقد احَتجَّ الإمامُ أحمدُ رحمه الله على الجَهْمِيَّة المُعْتزلةِ بهذه الآية.

قال رحمه الله: "قلتُ: قال الله: {ألَا لَهُ الْخَلْقُ والأمْرُ} ففرَّقَ بين

<<  <   >  >>