إطلاقُ الألفاظ المجمَلة التي لم تَرِدْ في الكتاب والسُّنَّة في أبواب الاعتقاد مِن طريقةِ أهل البدع وليس من طريقة السَّلَف.
وقد ذكرتُ في هذا الكتاب بعض هذه الِإطلاقات، كإطلاقهم القولَ في مسألة اللفظ وغيرها، وأبَنْتُ عن كون هذه الطريقة ليست هي طريقة السَّلَف، وطريقةُ السلف إنَّما هي إطلاق ما أطلقه الكتابُ والسُّنَّةُ، أمَّا ابتداعُ ألفاظٍ لم تَرِد في الكتابِ والسُّنَّة؛ فليسَ مِنْ مذهب السَّلَفِ، وقد استنكرَ الأئمَّةُ كأحمد وغيره تلك الإِطلاقات المبْتَدَعَة التي ظهَرَ بها أهل البدع.
قالَ شيخ الإِسلام:"إنَّ الأئمةَ الكبارَ كانوا يمنعون من إطلاقِ الألفاظ المبتَدَعة المجمَلَةِ المشتَبِهَةِ؛ لِما فيها مِنْ لَبْسِ الحَقِّ بالباطل، مَعَ ما توقِعُه من الاشتباهِ والاختلافِ والفتنةِ؛ بخلافِ الألفاظ المأثورة، والألفاظِ التي بُيّنتْ معانيها؛ فإنَّ ما كانَ مأثورًا حصلَت به الألفة، وما كانَ معروفًا حصَلَت به المعرفة، كَما يُروى عن مالك رحمه الله أنَّه قالَ: إذا قلَّ العلمُ ظَهَر الجَفاء، وإذا قلَّت الآثار كثرت الأهواء، فإذا لم يكن اللفظ منقولًا، ولا معناه معقولًا، ظهرَ الجفاءُ والأهواءُ ... "(٢٦).
هذه بعض التنبيهات التي يُحتاج إليها لتوضيح ما قد يُشكل، أو لدفع إيهام، وكذا لتوضيح منهجي العام في هذا الكتاب.