بينتُ في شَرْح اعتقادِ السَّلَفِ أنَّ هذا القرآنَ العربيَّ المؤلَّفَ من الحروف العربيَّةِ، المشتمل على المَعاني من الأوامرِ والنَّواهي، والأخبار، وغير ذلك مِمَّا خاطبَ الله تعالى به العبادَ، وأنزلَه على رسولِهِ محمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- بواسطةِ الأمين جبريلَ عليه السَّلام، على الأحْرُف السَّبْعَة تيسيراً على الأمَّةِ، وهذا القرآن هو كلامُ الله على الحقيقةِ بألفاظِهِ ومعانيهِ، وبحروفهِ وكلماتهِ وآياتهِ وسورهِ، غيرُ مخلوق، مِنْ أوَّل الفاتحةِ إلى آخر الناس، لا قرآنَ سواهُ، وبسَطْتُ ذلك بالأدلَّةِ، وبيَّنْتُ في الباب الثاني في إقامةِ الحُجَّة على بُطلان اعتقادِ اللفظيَّة، الذين يعتقدونَ خَلْقَ الألفاظِ العربيةِ، بالحُجَج القَواطِع من كتاب الله تعالى واعتقادِ السَّلَف، وسُقْتُ هناكَ من نُصوصِ الأئمَّة ما فيه الكفَايةُ والمَقْنَع لِمَنْ طلبَ الهدى وقصَدَه، ورامَ اتِّباعَ السَّلَف وتَرْكَ البِدَع.
ولكن الأشعريةَ -رأسَ القائلينَ بخَلْق الألْفاظ- أبَوُا التسليمَ لهذا المُعْتَقد السَّلَفي، وقالوا فيه بقَوْل الجَهميةِ الضُّلال: بأنَّه مخلوقٌ، وليسَ هو كلامَ الله على الحقيقةِ، وإنَّما هو عبارةٌ عنه، لأنَّ كلامَ الله عندهم هو