حينَ ابتدَعَ الجَهْمِيَّةُ -قاتَلَهم الله- القَوْلَ بأنَّ ألفاظَ العباد بالقرآن مخلوقةٌ، أوقَعَ ذلك لَبْساً، جَرَّ بعض المُنْتسبينَ إلى السُّنُّةِ والحديث إلى الوقوع في بعضِ المَحاذير، بل جَرَّ آخرينَ إلى مُوافَقَةِ الجَهميةِ في حقيقةِ قولهم ومُرادِهم، وكانَت مسألةُ اللَّفظ سِتراً يَسْتَتِرُ به المنافقونَ من الجَهْمِيَّة، لِما يَخْشَوْنَ من فضيحَةِ أهْلِ الْحَقِّ لهم حينَ يصرّحون باعتقادِهم, فيقولونَ: القرآنُ مخلوقٌ.
وكان الناسُ قد افترقوا حينَ ظَهَرَتْ هذه البدعةُ إلى أرْبَعِ فِرَقٍ:
والثانية: طائفةٍ شابَهَتِ الجَهْمِيَّةَ في بعضِ قولِهم، وهم الكُلاّبيَّة -أتباعُ عبد الله بن كُلاّب- فأطلَقوا القولَ كالجَهْميَّة: ألفاظُنا بالقرآنِ مخلوقةٌ، ومُرادُّهم: أنَّ القرآنَ العربيّ الذي نزلَ بهِ جبريلُ، الذي هو الألفاظُ المؤلَّفةُ من الحُروفِ كالألفِ والباءِ والتَّاءِ مخلوقٌ، وأنَّ الله تعالى لمْ يتكلَّم بالحُروفِ، إنَّما كلامُه معنى مُجَرَّدٌ عن الألفاظِ وهذا قديمٌ غيرُ