إنَّ عقيدةَ الأشعريَّةِ في كلام الله تعالى جَرَّتْهم إلى إدخالِ أسمائِهِ الحُسْنى ضِمْنَ ما اعتقْدوهُ، ولكن في ألفاظِهم في ذلك لَبْسٌ لا يَفْطن له مَن لم يفهَمْ مرادَهم، فإنَّهم يُطلقونَ القولَ: أسماءُ الله غيرُ مخلوقةٍ، وهذا الإِطلاقُ لأهل السُّنَّة أيضاً، ولكنَّه عندَ الأشعريةِ خِلافُ ما هُوَ عليه عند أهل السُّنَّة.
وبيانُ ذلك:
أنَّ الأشعريةَ كانوا يقولونَ: الاسمُ هو المُسمَّى، ويُطْلقونَ القولَ بذلكَ، ومُرادُهم: أنَّ الاسمَ هو عَيْنُ المُسمَّى، فاسمُ الله عندَهم هو الله، فالاسمُ عندَهم هو الذَّات، وليس هو الدالَّ عليها، وهذا المعنى لمْ يَسْبِقهم أحدٌ إليه، ولا يَعْرِفُ النَّاسُ الاسمَ إلاَّ القَوْلَ الدالَّ على المُسمَّى.
فلمَّا حُجّوا بتعدُّدِ أسماءِ الله تعالى، والذَّاتُ واحدةُ غيرُ متعدَّدةٍ، قالوا: المُرادُ بالأسماءِ حالَ التعدّدِ التَّسْميات لا الذَّوات، فحديثُ النَّبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ لله تسعةً وتسعينَ اسماً" معناه: تسعةً وتسعينَ تسميةً، وقوله تعالى:{ولِلهِ الأسْماءُ الْحُسْنَى}[الأعراف: ١٨٠] معناه: التَّسْميات،