فهذا أصلٌ من الأصول التي فارقَ بها أهلُ السُّنِّةِ أصحابَ البدع.
[• المسألة الثانية]
تسميةُ المُبتدعةِ علمَ التَّوْحيد الذي هو أشْرَف العلم وأزْكاها بعِلْم الكلام من أظْلَم الظُّلْم وأبْطَل الباطل.
ذلك لأنَّ علم التَّوحيدِ مَصْدَرُه الوَحْيُ المَعْصوم، وعِلْمَ الكَلَام مصدَرُه الجدَل المَذموم فأيْنَ هذا مِنْ هذا؟
إنَّ ما أحْدَثَتْهُ المبتدعة من الجَدَل والخُصومات، مِمَّا ادَّعوا أنَّهُ أحْسن الطُّرُق لمَعْرفَةِ الله تعالى ودين الإِسلام، مِمَّا هو مَحْض العُقول التي لَمْ تُقَوَّم بمَنْهَج الرَّسول -صلى الله عليه وسلم-، وإنَّما قوِّمت برأي جَهْم وطريقة بشْر بن غِياث، المستمدَّةِ من طريقةِ أهْل الكِتاب ومن رَأْي عُبّاد الكَواكب، الذي فَتَنوا به المُؤمنين والمُؤمنات، هو الذي سَمَّؤْه بـ "علم الكلام"، تلقَّفَه عنهم ابنُ كُلاّبٍ والأشعريُّ وأبو مَنْصُور الماتُريدي وأمثالُهم من أهْل البِدَع، فَحَلَّوْه ببعض السَّمعيات، فأخرَجو للناس على أنَّه علْمُ التَّوحيد، وصاروا يقولون: علمُ الكلام: هو علْمُ التَّوحيد، وهو أشْرَف العلوم؛ لتعلّقه بذاتِ الله وأسمائِهِ وصفاته، وهو على هذا المَعنى يُدَرَّس اليَوْم في مَدارِس المُسلمينَ ومعاهدِهم وجامعاتِهم إلاَّ من عافى الله.
ولكن ولله الحَمْدُ ألقى الله تعالى على ألْسِنَتهم بَراءَتهم من تَوْحيد
= الدارمي رقم (٢١١) وابن نصر في "السنة" ص: ٢٣ وابن وضاح في "البدع" ص: ١٠ والطبراني في "الكبير" ٩/ ١٦٨ وابن مجاهد في "السبعة" ص: ٤٦ وابن الطبري في "السنة" رقم (١٠٤) والبيهقي في "المدخل" رقم (٢٠٤) وسنده صحيح.