كلامُ الله تعالى صفةٌ من صفاتهِ غيرُ مَخلوقٍ كسائر صِفاتِه، سَواء كان القرآن العربيَّ، أوِ التَّوراةَ العِبربَّةَ، أو غيرَ ذلك من كلامِهِ تعالى، ممَّا وقَعَ من كلامِهِ، وممَّا لَم يقع بَعْدُ.
ولَقَدْ كانَ السَّلفُ في صَدْرِ الإِسلام في غِنًى عن إطلاقِ لفظِ (غير مخلوق) لأنَّه كانَ من المُسَلَّمِ عندهم أنَّ كلامَ الله صفةٌ مِن صفاتِهِ، وصفاتُهُ غيرُ مَخلوقةٍ، حتى ظَهَرت الجَهميةُ، فنفَتْ صفةَ الكلامِ عن الله تعالى، لكنْ لمَّا كانَ فذا القولُ منكَراً شَنيعاً، تَنفرُ منه قلوبُ الناسِ، وتقشَعِرُّ منه جلودُهم، ويرفُضُهُ إيمانُهُمْ، أبدَلوهُ بقَوْلِهم: كلامُ الله مَخْلوقٌ، فتظاهَروا بإثباتِ الكلامِ، وأبطلُوهُ بقولهم: مخلوقٌ.
فلمَّا كانَ حقيقةُ قَوْلِهم إبطالَ صفةِ الكلامِ وتَعطيلَها قابَلهم السَّلَفُ برفْضِ هذهِ البدعةِ وإنكارِها، والتَّشديدِ عليهم في ذلكَ، بل وتكفيرهم، لأنَّ حقيقةَ قولهم الكفرُ، لِما تضمَّنَ من تكذيبِ القرآنِ، وإثبات النَّقْصِ للرَّحمنِ، فقالَ السَّلَفُ حينئذٍ:(كلامُ الله -كالقرآن وغيره- غيرُ مخلوقٍ).
ولقَدْ كانَتْ لهذه العقيدةُ مبنيَّةً على أسُسٍ متينةٍ وقَواعدَ عظيمةٍ من