للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثامن: كلام الله تعالى بمشيئته واختياره]

يَعْتَقِدُ السَّلَفُ أنَّ الله تعالى يتَّصفُ بالصِّفاتِ الاختياريَّةِ، كَالكَلامِ، والنَّداءِ، والرَّضا، والغَضَبِ، والحُبَّ، والبُغْضِ، والرَّحْمَةِ، والرَّأفَةِ، والانْتقامِ، والإِتيانِ، والنُّزَولِ، والاسْتِواءِ على العَرْشِ، والخَلْقِ، والرَّزْقِ، وغَيْرِ ذلكَ من صفاتِهِ العَليَّةِ التي تقومُ بمَشيئتهِ واختيارهِ، ومعنى تعلُّقِها بمشيئتهِ واختياره أنَّه تعالى لا يَزالُ متكلِّماً إذا شاءَ، ولا يَزالُ رَحيماً إذا شاءَ، ولا يزالُ خالقاً إذا شاءَ، وهكذا، فالصِّفَةُ ثابتةٌ له تعالى في الأزَلِ، وهي متعلِّقةٌ بمشيئتِهِ، فإنْ شاءَ تكلَّمَ وإن شاءَ سَكَتَ (٤٩) وإن شاءَ


(٤٩) وصفُه تعالى بالسكوت جاءت به السُّنَّة، وجَرى ذكرُهُ في كلام الأئمة، ولا تَعارُضَ بين إثباته وإثبات الكلام, لأنَّ كلامه تعالى متعلقٌ بمشيئته، فإن شاءَ تكلم، وإن شاءَ لم يتكلم، وهذا ينقضُ اعتقادَ أهل البدع نَقْضاً في كلامه تعالى، وذلك واضحٌ لمن تأمَّله.
وأمَّا الاستدلال لثبوت هذه الصفة من السنة والأثر:
١ - فحديث أبي الدرداء رضي الله عنه رفعَ الحديثَ قال:
"ما أحلَّ الله في كتابه فهو حَلالٌ، وما حرَّم فهو حرامٌ، وما سكت عنه فهو عافيةٌ، فاقبلوا من الله عافيَتَه، فإنَّ الله لم يكن نسيّاً" ثمَّ تَلَا هذه الآية: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ =

<<  <   >  >>