للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سبحان الله! أيُّ عِلم وأيُّ حكمةٍ يُحَصِّلُها من كانت بضاعتُهُ اللّغوَ والجَدَلَ والكلامَ الذي لا يورث إلاَّ قسوةَ القلوب بل والحيرةَ والشَّكَّ؟! فإنَّ رؤوسَ هؤلاء والأعلامَ فيهم، من ذوي الأقدام الراسخة، أمثال: إمام الحَرَمين، والشّهرستانيّ، والرّازِيّ، والآمِدِيّ، عاشها غالبَ الأعمار في الحَيْرة والشَّكِّ، معَ ما حَصَّلوا من المعرفةِ بالكلام والجَدَلِ، ومُناظَرَةِ مُخالفيهم من أهل الأهواءِ، حتى تكونَ خاتمةُ الواحدَ منهم أنَّ يسأل ربَّه الموتَ على دين العجائزِ.

فأقْبِلْ - رَحِمَك الله - على طريقة سلفِكَ الكرامِ، واعتصم بسَبيلهم.

قال الأوزاعي - رحمه الله -: "عليكَ بآثار مَن سلفَ وإنْ رفَضَكَ الناسُ، وإيَّاك ورأي الرِّجالِ وإنْ زخرفوه بالقول؛ فإنَّ الأمرَ ينجلي وأنتَ منه على طريقٍ مستقيمٍ" (٢٠).

وقالَ: "فاصبر نفسَك على السُّنَّة، وقِفْ حيثُ وقَفَ القوم، وقُلْ فيما قالوا، وكُفَّ عَمَّا كَفّوا عنه، واسْلُكْ سَبيلَ سَلَفِكَ الصالح؛ فإنَّهُ يَسَعُكَ ما وَسِعَهم" (٢١).

[• المسألة الرابعة]

أهل البدع والكلام لا يميّزونَ اعتقادَ السلف من غيره، وربّما لم


(٢٠) رواه البيهقي في "المدخل" رقم (٢٣٣) وسنده صحيح.
(٢١) رواه قِوَام السنة إسماعيل بن الفضل في "الحجة" ق ٦/ أ - ب وسنده صحيح.

<<  <   >  >>