للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرَّسول -صلى الله عليه وسلم-، فتَراهم يقولونَ في واضع هذا العِلْم: واضعُه أبو الحَسن الأشْعَريّ وأبو مَنْصور الماتُريدي، وهذا إنْصافٌ من أنْفُسِهم؛ فإنَّهُمْ إنَّمَا يُوَحِّدُونَ الله بِجَدَل الأشعريّ والماتُريدي، لا باتباع الرَّسول -صلى الله عليه وسلم- وسَلَف الأمَّة.

واعلَمْ - وفَّقكَ الله - أنَّ السَّلَفَ كانوا من أشدّ الناس نَفْرةً وتنفيراً من الكلام وأهلهِ.

قال البَغويُّ - رحمه الله -: "واتَّفقَ علماءُ السَّلفِ من أهل السُّنَّةِ على النهي عن الجدال والخُصوماتِ في الصِّفاتِ، وعلى الزَّجْر عن الخَوْض في علم الكلام وتعلّمهِ" (١٦).

وقال الشافعي - رحمه الله -: "لأن يُبْتَلى العبدُ بكلِّ ما نَهى الله عنه سوى الشِّرك، خيرٌ له من الكَلام، ولقد اطَّلعتُ من أصحابِ الكلام على شَيْءٍ ما ظَننتُ أنَّ مُسْلِماً يقولُ ذلك" (١٧).

وقال: "مَن أظهرَ العصبيّةَ والكلامَ، ودَعا إليها؛ فهو مردودُ الشَّهادة، ولأن يَلقى العبدُ ربَّه - عزَّ وجَلَّ - بكلِّ ذَنْبٍ ما خَلا الشركَ خيرٌ له من أنْ يلقاه بشيءٍ من الأهواء" (١٨).

وقال الإِمام أحمد - رحمه الله - للمعتصم أيَّامَ المحْنَة: "ولستُ صاحبَ مِراءٍ ولا كلامٍ، وإنَّما أنا صاحبُ آثارٍ وأخبارٍ" (١٩).


(١٦) "شرح السنة" ١/ ٢١٦.
(١٧) رواه ابن أبي حتم في "آداب الشافعي" ص: ١٨٢ بسند صحيح.
(١٨) رواه إسماعيل بن الفضل في "الحجة" ق ٧/ ب بسند صحيح.
(١٩) رواه حبل في "المحنة" ص: ٥٤ عنه.

<<  <   >  >>