للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والتَّسْمياتُ هي الأقوالُ المؤلَّفةُ من الحُروفِ، مثل: (الرَّحمن، الرَّحيم، السَّميع، العَليم) (١) وهذه مخلوقةٌ عندَهم؛ لأنَّها ألفاظٌ، والألفاظُ مخلوقةٌ.

وهذا مِنْهم خَرْقٌ لِما دَلَّ عليه الكتابُ والسُّنَّةُ وكلامُ العَرَب، فإنَّ العربَ لا تَعْرِفُ التَّسميةَ إلاَّ النُّطْق بالاسم والتكلُّم به، وليسَتْ هي الاسمَ نفسَه، وأسماءُ الأشياءِ هي الألفاظُ المُعَرِّفةُ بها الدَّالَّةُ عليها، ليستْ هي أعيانَ الأشياءِ (٢).

فـ (زيد) اسمُ عَلَمٍ بلا نِزاعٍ، فإذا سُمّيَ أحدٌ به لم يكنْ هو عَيْنَ المسمّى، وإنَّما هو اللَّفْظُ الدَّالُّ عليه، وإطلاقُ هذا اللَّفظ على زيد هو تسميتهُ به، وهذا بَيَّنٌ لا يَخْفى إنْ شاء الله.

وقد نَطَقَ الكتابُ والسُّنَّةُ بأنَّ لله تعالى الأسماءَ الحُسْنى، فقال تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء: ١١٠] وقال: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: ١٨٠] وقالَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ لله تِسعةً وتسعينَ اسْماً، مئةً غير واحدٍ، مَن حفِظَها دخَلَ الجنَّةَ" (٣).

فقالت الجَهميةُ والمُعْتزلةُ: الاسمُ غيْرُ المسمَّى، فأسماءُ الله غيرُهُ، وكلُّ شَيْءٍ غيرُ الله مخْلوقٌ، فـ (الرَّحمن، الرَّحيم، الحَيّ، القيّوم ...) هذه الأسماءُ المؤلَّفةُ من الحُروفِ، وغيرُها من الأسماءِ الحُسنى مخلوقةٌ


(١) انظر: " أصول الدين" لعبد القاهر ص: ١١٤ - ١١٥.
(٢) انظر: "مجموع الفتاوى" ٦/ ١٩٥.
(٣) حديث صحيح جليل.
وقد تناولته بالتخريج والشرح في جزء مفرد.

<<  <   >  >>