للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عندَهم.

فأرادَ الأشعرية ومَنْ على شاكِلَتِهم إبطالَ قولِهم، فقالوا: الاسْمُ هو المسمَّى، أي: عينُهُ، فاسْمُ الله هو الله، والله غيرُ مَخلوق، فاسمهُ غيرُ مَخْلوق، وهذا في الحَقيقة لا تُخالِفُ فيه الجَهْميةُ، فإنَّهم يعتقدونَ أنَّ الله تعالى غيرُ مخلوق وهم إنَّما قالوا بخَلْق الأسماءِ التي هي الأقوالُ الدَّالَّة على المُسمَّى كـ (الرَّحمن، الرَّحيم) وهذه عندَ الأشعريَّةِ تَسْمياتٌ، وهي ألفاظٌ مَخْلوقةٌ، فأيّ فَرْقٍ بين اعتقادِ الطائفتين من جِهَةِ الحَقيقة والمَعنى؟

قالَ شيخُ الإِسلام: "وافَقوا الجَهْميةَ والمعتزلةَ في المعنى، ووافقوا أهلَ السُّنَّة في اللَّفْظ" (٤).

والسَّلفُ لم يكونوا يَعْرِفونَ الكلامَ في الاسم والمسمَّى، وإنَّما يعلَمون أنَّ لله تعالى الأسماءَ الحُسنى، ولما ظهَرَت مقالةُ الجَهمية في ذلك أنكَرَها الأئمَّةُ، وكانَ في علماءِ السُّنَّةِ مَنْ أطلقَ القولَ في الرَّدّ علَيْهم، فقال: الاسمُ هو المُسمَّى، وهذا الِإطلاقُ مُوافقٌ لإِطلاقِ الأشعريةِ، لكن يُخالِفه في المَعنى، فإنَّ مَن أطْلق ذلكَ من أئمَّةِ السُّنَّة لم يُريدوا أنَّ الاسمَ هو عَيْنُ المسمَّى.

وأكثرُ أئمةِ السُّنَّة على إنكار هذه المقالةِ نَفْياً وإثباتاً, لأنَّ كُلاًّ من الإِطلاقين بدْعَة تجرُّ إلى محاذيرَ، كما جرَّت الجَهمية والأشعرية إلى القولِ بخَلْق الأسماءِ الحُسنى (٥).


(٤) "مجموع الفتاوى" ٦/ ١٩٢.
(٥) انظر لتفصيل هذه المسألة (قاعدة في الاسم والمسمَّى) لشيخ الإِسلام ضمن "مجموع الفتاوى" ٦/ ١٨٥.

<<  <   >  >>