للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويُبْطلُ قولَ هؤلاء المُبتدعةِ أنَّ أسماءَ الله تعالى مِن كلامِهِ، وقَدْ بَيَّنا الاعتقادَ فيه، وأنَّه غيرُ مَخلوقٍ، فأسماؤُهُ تعالى غيرُ مخلوقةٍ.

وعلى ذلك نَصَّ الأئمةُ رحمهم الله، واستدلّوا بذكْرِ الأسماءِ في كلام الله على بُطْلانِ قَوْل مَن يقولُ بخَلْق القُرآنِ العَربيّ المُبينِ.

فمِنْ ذلك:

١ - قولُ الإِمام الشافعيّ رحمه الله: "مَن حلَف باسْم مِن أسماءِ الله فحنثَ فعليْهِ الكفَّارةُ, لأنَّ اسمَ الله غيُر مَخْلوقٍ، ومَن حَلَفَ بالكعبةِ أو بالصَّفا والمَرْوَة فليس عليه الكفَّارةُ, لأنَّه مخلوقٌ، وذاكَ غيرُ مخلوقٍ" (٦).

قلتُ: والحَلف إنَّما يقَعُ بالألفاظِ، كـ (والله، والرَّحمن، والخالق، والعزيز) ونحو ذلك، فلو قيلَ: هذه ألفاظٌ مخلوقةٌ، وغيرُ المَخلوقِ إنَّما هو مسمَّاها -كما يقولُه مُحَقِّقو الأشعرية- وهذه موضوعةٌ للدَّلالةِ عليه، فلا فَرْقَ حينئذ بين الحَلِفِ بها، والحَلِفِ بالكعبةِ والصَّفا والمَرْوَة, لأنَّ الجميعَ مخلوقٌ، وذلكَ لأنَّ الحالفَ إنَّما يحلِفُ بالاسْم الذي هو القَوْلُ واللَّفْظُ المؤلَّفُ من الحُروفِ، الذي يُرادُ به المُسمَّى، وهذه عندَ الأشعرية تَسْمِياتٌ مَخْلوقةٌ.

٢ - وقَوْلُ أبي داودَ: سمعتُ أحمَدَ -يعني ابن حنبل- ذكَرَ له رَجُلٌ


(٦) أثر صحيح، سبق تخريجه ص ١٢٨.
وعلَّق محقَّق "آداب الشافعي" -ذاكَ الأشعري- على قوله: "وذاك غير مخلوق" بقوله: "يعني مسمَّاه ومدلوله" كذا قال، وهو تفسير لِما ذَكَرْناه عنه وعن أشباههِ من الأشعرية مُدَّعي التَّحقيق من أنَّ أسماء الله المؤلَّفة من الحُروف المتعدِّدة الكثيرة هي تسميات مخلوقة لا أسماء.

<<  <   >  >>