وهذا القولُ فاقوا فيه المعتزلةَ، لأنَّ المعتزلةَ كانوا يُسَمُّونَ هذا القرآنَ العربيَّ كلامَ الله، ويصفونَه بالخَلْق، أمَّا هؤلاء فوافَقوهم في وصْفهِ بالخَلق، لكنهم زادوا عليهم نَفْي كونهِ كلامَ الله، وهذا وإنْ كانَ حقيقةَ قولِ المعتزلةِ، إلاَّ أنَّهم لم يُصَرِّحوا به تصريحَ الأشعريةِ.
ويتلخَّصُ اعتقادُهم في القرآن العربيّ في الأمور الآتية:
١ - هو عِبارةٌ ودَلالةٌ على الكلام القَديمِ، وليسَ هو الكلامَ القديمَ.
٢ - لا يُسَمَّى كلامَ الله على الحَقيقة، إلاَّ على معنى أنَّه خلَقَه في اللَّوْح المَحفوظ أو غيره.
٣ - يُسَمَّى كلامَ الله مَجَازاً من تَسْمية الدَّالّ باسْم المَدلول.
٤ - الأكثرون منهم على أنَّهُ مَخلوقٌ في اللَّوْح المَحْفوظ، ومنهم من قال: في غيره، ومنهم من قال: هو قوْلُ جبريلَ عليه السَّلام، ومنهم من قال: هو قولُ محمَّد -صلى الله عليه وسلم-.
٥ - لَمْ يَنزِلْ إلى الأرض إلاَّ ما هو مَخلوق.
وهذه بعض نُصوصِهم الصَّريحةِ تُثْبِتُ صحَّة ما ذكرتهُ عنهم:
قالَ أبو بكرٍ الباقلّاني: "إنَّ الكلامَ الحقيقيَّ هو المعنى الموجودُ في النَّفسِ، لكن جُعِلَ عليه أماراتٌ تدلُّ عليه، فتارةً تكونُ قولاً بلسانٍ على حكم أهل ذلك اللسانِ وما اصْطَلحوا عليه وجَرى عُرْفُهم به وجُعِلَ لغةٌ لهم، وقد بيَّنَ تعالي ذلك بقوله:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ}[إبراهيم: ٤] فأخْبَرَ تعالي أنَّه أرْسَل موسى عليه السَّلامُ إلى بَنِي