فسمَّى الله تعالى القرآنَ عِلْماً، إذْ هو الذي جاءَه مِنْ رَبِّهِ؟ وهو الذي عَلَّمهُ الله تعالى إيَّاه -صلى الله عليه وسلم-، وعِلْمُهُ تعالى غيرُ مَخلوقٍ، إذ لو كانَ مخلوقًا لاتَّصَفَ تعالى بِضدِّهِ قبلَ الخَلْقِ، تعالى الله عن ذلك وتنزَّه وتقدَّس.
وبهذا احتجَّ الإِمامُ أحمدُ رحمه الله على الجَهْميةِ فيما كتبَهُ للمتوكِّل في مسألة القرآنِ.
قالَ رحمه الله: "قالَ عَزَّ وَجَلَّ: {الرَّحْمَنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ}، فَأخبرَ تَعالى أنَّ القرآنَ مِنْ عِلْمِهِ" ثمَّ احتجَّ بالآياتِ الثلاثِ المذكوراتِ، ثمَّ قال: "فالقرآنُ من علم الله تعالى، وفي هذه الآيات دليلٌ على أنَّ الذي جاءَه -صلى الله عليه وسلم- هو القرآنُ، لقولِهِ: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ