للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سألتُ أبي وأبا زُرْعةَ عن مَذاهبِ أهل السُّنَّة في أصولِ الدّينِ، وما أدركا عليه العلماءَ في جميع الأمصارِ، وما يَعْتَقِدان من ذلك؟

فقالا: "أدْرَكْنَا العُلَماءَ في جَميع الأمصار: حِجازاً، وعِراقاً، وشاماً، ويَمَناً، فكان من مذهبهم: الإِيمان قولٌ وعَمَلٌ يَزيدُ وينقصُ، والقرآنُ كلامُ الله غير مخلوقٍ بجميع جهاتِهِ" (٨٨).

فهؤلاءِ بِضْعةٌ وثلاثونَ من الأئمَّةِ، قد سمِّيناهم، عامَّتهم ممَّن يُقْتَدى بهم، وجميعهم من أهلِ القُرونِ المُفَضَّلَة التي هي خيرُ القرون.

قال الإِمام أبو عثمانَ الصابونيُّ:

"ويشهَد أصحابُ الحديث، ويعتقدونَ: أنَّ القرآنَ كلام الله وكتابُه، وخِطابُه، ووحيُهُ، وتنزيلُهُ، غيرُ مخلوقٍ، ومَنْ قالَ بِخَلْقِهِ واعتقدَه فهو كافرٌ عندهم" (٨٩).

ولو أرَدْنا استيعاب ما بلَغنا من أقوالهم في إثباتِ هذه العقيدةِ (القرآنُ كلامُ الله غيرُ مَخْلوقٍ) لاحتاجَ ذلك إلى تصنيفٍ مُستقلٍّ.

وقد ساقَ الإِمامُ أبو القاسِم هبةُ الله بن الحَسَن الطَّبريُّ اللَّالكائي في كتابه العَظيم (شرحِ أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة) أو (كتاب السنة) القولَ بذلك عن خَمْسِ مِئَةٍ وخَمسينَ نَفْساً من علماءِ الأمَّةِ وسَلَفِها، كلُّهُم يقولونَ: "القرآنُ كلامُ الله غيرُ مخلوقٍ، ومَن قال: مخلوقٌ، فهو كافرٌ".

قال رحمه الله:


(٨٨) أخرجه ابن الطبري في "السنة" ١/ ١٧٦ بسند صحيح.
(٨٩) "رسالته في السُّنَّة" نص/٦.

<<  <   >  >>