للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكلامُهُ تعالى الذي هو أجزاءٌ وأبعاضٌ، بعضُهُ أفضَلُ من بعضٍ، وليس ذلك من جِهَةِ المُتكلِّم به وهو الله تعالى، وإنَّما هو من جهةِ ما تضمَّنَ من المَعاني العَظيمةِ، فإنَّ كلامَ الله المتضمِّن للتَّوحيدِ والدَّعْوةِ إليه، أفضلُ من كلامهِ المتضمِّنِ ذكرَ الحُدودِ والقِصاصِ ونحو ذلكَ، وما يُخْبِرُ به عن نفسهِ وصفاتِهِ أعظمُ مما يُخْبِرُ به عن بعضِ خلقهِ، وذلكَ لشَرَف الأوَّلِ على الثاني.

وقد ورَدَ في السُّنَّةِ الصَّحيحةِ ما يُثْبِتُ ذلك ويوضِّحُه ويُجَلّيهِ، فمِنْ ذلك:

١ - حديث أنَس بن مالكٍ رضي الله عنه قال:

كان النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- في مَسيرٍ لَهُ، فنزَلَ ونزَلَ رجُلٌ إلى جانِبِهِ، فالتفتَ إليه

النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال:

"ألا أخْبركَ بأفضَلِ القُرآنِ؟ ".

قال: فتلا عليه {الْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (٥٧).

٢ - وعن أبي سَعيد بن المُعلَّى رضي الله عنه قال:

كنتُ أصلِّي في المَسْجدِ، فدَعاني رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، فلَمْ أجِبْهُ، فقلتُ: يا رسولَ الله! إنِّي كنتُ أصلّي، فقالَ:


(٥٧) حديث صحيح.
أخرجه النسائي في "فضائل القرآن" -من "الكبرى"- رقم (٣٦) و"عمل اليوم والليلة" رقم (٧٢٣) من طريق سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس به، وسنده صحيح.

<<  <   >  >>