كَفَرَ, لأنَّه كذَّبَ الله في قولِهِ، وجَحَدَ ما أنبأتْ به رسلُه، وإنِ ادّعى الإِسلامَ وانتسبَ إليه، فالإِسلامُ يَبْرأ منه.
وقد ذكرتُ في المَبْحث الخامس أنَّ الله تعالى لم يُضِف شيئاً ممَّا أنزله إلى نفسِهِ غيرَ كلامهِ، وذلك لأنَّه صفتُهُ.
* وأمَّا عَوْدُ كلامهِ تعالى إليه فقد تأوَّلَهُ بعضُ أهلِ السُّنَّة بعَودِ تلاوته وقراءته التي هي كَسْبُ العبدِ.
وهذا المعنى حَق، فإنَّه تعالى:{إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}[فاطر: ١٠] ولكن ليسَ هو المُرادَ في تفسيرِ هذه اللَّفْظَة (وإليه يعودُ) وإنَّما المرادُ أن كلامَ الله تعالى يُسرى عليه في ليلةٍ فَيُرْفَع من المَصاحفِ، وصُدور الحُفَّاظ، فلا تَبْقى في الأرضِ منه آية.
وبهذا جاء الخبرُ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وغيرِه من أصحابه.
فأمَّا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعَنْ حذيفةَ بن اليَمان وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"يُسْرى على كتاب الله لَيْلاِّ، فيُصْبحُ الناسُ ليس في الأرضِ، ولا جوفِ مسلمٍ منه آية"(٦٤).
وأما الخَبَرُ عن أصحابهِ، فوردَ عن أبي هريرة وابن مسعود.
١ - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
(٦٤) حديث صحيح، خرجته وحققته في التعليق على "اختصاص القرآن" لضباء الدين المقدسي تعليق (٦٨).